الشافعي ووجدت بعض أصحابنا يقول في كتاب له: إن السلام سنة غير مفروض ومن تركه متعمدا لا شئ عليه. وقال أبو حنيفة: تكبيرة الافتتاح ليس من الصلاة والتسليم ليس بواجب ولا هو من الصلاة وإذا قعد قدر التشهد خرج من الصلاة بالسلام والكلام وغيرهما.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه من أن تكبيرة الافتتاح من الصلاة أنه لا خلاف في أن نية الصلاة إما يتقدم عليه بلا فصل أو يقاربه على الاختلاف بين الفقهاء في ذلك ونية الصلاة لا يجب مقارنتها إلا بما هو من الصلاة فلا يجب أن تتقدم عليه ولا تقارنه وفي وجوب مقارنة النية أو التقدم لتكبيرة الافتتاح دليل على أنها من جملة الصلاة. وأيضا فلا يكون من الصلاة إلا ما كان شرطه استقبال القبلة لأن استقبال القبلة إنما هو شرط في الصلاة دون غيرها من الأفعال ولا يلزم على هذا الأذان والإقامة لأن الأذان والإقامة مستحب فيهما استقبال القبلة وليس بواجب فيهما. وأيضا لو لم تكن تكبيرة الافتتاح من الصلاة ما كان الوضوء شرطا فيه لأن الوضوء إنما هو شرط في أفعال الصلاة دون ما هو خارج عنها.
فإن قيل إنما هو شرط فيه الوضوء لأن الصلاة عقيبه بلا فصل فلو وقع بغير وضوء لدخل في أول جزء من الصلاة بغير وضوء. قلنا ليس الأمر كذلك لأنا لو فرضنا رجلا مستقبل القبلة وعلى يمينه حوض عال يقدر أن يتناول منه الماء بغير مشقة فابدأ بأول التكبير ومد بقوله الله صوته وهو في حال امتداد صوته يتوضأ من ذلك الماء حتى يكون فراغه من آخر الوضوء قبل أن يختم لفظ التكبير بحرف أو بحرفين فمعلوم أن هذا جائز فعلمنا أن الوضوء شرط في التكبير نفسه لا للتحرز من وقوع الصلاة عقيبه بغير وضوء فإن تعلق المخالف بقوله تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى فجعله مصليا عقيب الذكر لأن الفاء للتعقيب والذكر الذي يكون عقيب الصلاة وهو ذكر الافتتاح فلو كان من الصلاة لكان مصليا معه والله تعالى جعله مصليا عقيبه فالجواب عن ذلك إنا لا نسلم أن المراد بالذكر تكبيرة الافتتاح بل لا يمنع أن يراد به الأذكار التي يؤتى بها قبل الصلاة من الخطبة والأذان على أن أصحابنا يذهبون إلى أنه مسنون للمصلي أن يكبر تكبيرات قبل تكبيرة الافتتاح التي هي الفرض وليست هذه التكبيرات من الصلاة فيجوز أن يحمل الذكر الذي تضمنته الآية على هذه التكبيرات فإن قالوا ليس يخلو المصلي من أن