المسألة الثالثة والتسعون:
من أحدث في صلاة أو سبقه الحدث بطلت صلاته هذا صحيح وإليه يذهب أصحابنا وهو مذهب الشافعي في قوله الجديد وقال في القديم تبطل الطهارة ولا تبطل الصلاة فبنى عليها وهو قال مالك وأبي حنيفة وقال المحصلون من أصحاب أبي حنيفة إن القياس عندهم ألا يبني على صلاته لأن انصرافه من الصلاة ومسه وغسله الأعضاء أفعال تنافي الصلاة فتركوا القياس للأثر دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر أن الصلاة في الذمة بيقين فلا يسقط عنها إلا بيقين وقد علمنا أن الحدث إذا سبقه ولم يعد الوضوء والصلاة بل توضأ وبنى على ما يقوله أصحاب أبي حنيفة فإن ذمته ما برئت بيقين وإذا أعاد فقد تيقن براءة ذمته فوجب الإعادة وأيضا ما روي عنه ع من قوله إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في الصلاة فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وهذا الحدث الذي كلامنا فيه قد سمع الصوت ووجد الريح فيجب انصرافه عن الصلاة فإن قالوا: نحن إذا أوجبنا عليه أن ينصرف من الصلاة ليتوضأ ثم يبني على ما فعله فقد قلنا بموجب الخبر قلنا الخبر يقتضي انصرافا عن الصلاة فإن قالوا وأنتم تقولون إنه قال انصرف عنها بل هو فيها وإن تشاغل بالوضوء وأيضا فقد روي عن النبي ع أنه قال لا صلاة إلا بطهور ومن سبقه الحدث فلا طهور له فوجب ألا يكون في الصلاة وأن يخرج بعدم الطهور عنها وأيضا ما رواه أبو داود بإسناده عن النبي ص أنه قال إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته فإن قالوا نحمل ذلك على العمد أو على الاستحباب قلنا ظاهر الخبر يتناول العمد وغير العمد ولا يجوز أن يخصه إلا بدليل وظاهر الأمر الوجوب ولا نحمله على الاستحباب إلا بدليل فإن احتجوا بما رواه ابن أبي مليكة عن النبي ص أنه قال إذا قاء أحدكم في الصلاة أو رعف فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم والجواب عن ذلك أن هذا خبر ضعيف مطعون فيه وقد قيل فيه ما هو مشهور ونحن نقول بموجبه لأن القئ والرعاف عندنا ليس بحدثين ينقضان الوضوء لجاز معهما الانصراف لغسل النجاسة والبناء على الصلاة وليس كذلك باقي الأحداث الناقضة للوضوء.