اجتهاده إلى القبلة في خلاف الجهة التي ظن الآخر أنها بها لم يجز أن يقتدي واحد منهم بالآخر، وإذا وجب على قوم منهم الصلاة إلى أربع جهات جاز لهم الصلاة جماعة ويقتدي كل واحد منهم بصاحبه في الجهات الأربع، ومن دخل إلى غير بلده من البلدان أو المواضع جاز له أن يصلى إلى قبلة ذلك البلد أو الموضع الذي دخل إليه، فإن علم أو غلب على ظنه أن تلك القبلة غير صحيحة لم تجز له الصلاة إليها وكان عليه أن يجتهد في طلب القبلة بأحد الوجوه التي ذكرناها ثم يتوجه إليها، ومن لا يحسن الاعتبار في طلب جهة القبلة بشئ مما ذكرناه وأخبره عدل بأن القبلة في جهة معينة جاز له الرجوع في ذلك إلى قوله.
الصلاة على الراحلة وما يلحق بها:
والمسافر إذا كان ماشيا لم يجز له أن يصلى إلا وهو مستقبل القبلة فإن كان على راحلة لم يجز له مع الاختيار أن يصلى إلا كذلك فإن كان مضطرا أو غير متمكن من النزول عنها جاز أن يصلى عليها بعد أن يستقبل القبلة ويجوز صلاة النوافل في السفر على الراحلة، وإن كان المسافر مختارا بعد أن يستقبل القبلة فإن لم يمكنه ذلك استقبلها بتكبيرة الإحرام ثم يصلى كيف ما توجهت به راحلته وكذلك الماشي إذا لم يتمكن من استقبالها في جميع صلاته.
ومن كان في سفينة وهو متمكن من أن يدور إلى القبلة إذا دارت هي في خلاف جهتها فعل ذلك فإن لم يتمكن من ذلك صلى إلى صدر السفينة بعد أن يستقبلها بتكبيرة الإحرام، ومن كان في حرب شديد ومسايفة وخوف من ذلك لا يتمكن معه من استقبال القبلة سقط عنه فرض الاستقبال لها وكانت صلاته على ما سنذكره في باب صلاة الخوف إن شاء الله تعالى، ومن كان عالما بدليل القبلة ثم التبس عليه ذلك لم يجز له أن يقلد غيره في الرجوع إلى واحدة من الجهات الأربع التي كلف الصلاة إليها مع الالتباس، فإن كان به ضرورة صلى إلى أي جهة أراد فإن قلد غيره في حال الضرورة دون الاختيار كان جائزا إذا كانت الجهة التي يقلد فيها غير مخير في الصلاة إليها أو إلى غيرها، ولا يجوز للمكلف قبول قول غير العدل في شئ من الجهات مسلما كان أو كافرا.
ومن صلى إلى جهة من الجهات ثم بان له أنه قد صلى إلى غير القبلة وكان الوقت باقيا