فكبر ثم اقرأ فاتحة الكتاب ثم اركع وارفع حتى تطمئن قائما وذكر الخبر إلى أن قال هكذا فاصنع في كل ركعة فإن قيل وأنتم لا توجبون القراءة في كل ركعة وإنما هذا دليل الشافعي قلنا نحن نوجب القراءة في كل ركعة لكن في الأولتين على سبيل التضييق وفي الآخرتين على سبيل التخيير وكون النبي مخيرا فيه وله بدل لا يخرجه من أن يكون واجبا وأيضا قوله تعالى فاقرؤوا ما تيسر من القرآن وظاهر هذه الآية يقتضي عموم الأمر الذي هو على الوجوب لكل الأحوال الذي من جملتها الصلاة فوجب أن تكون القراءة واجبة في الأولتين تضييقا وفي الآخرتين أيضا إلا أنه لما قام الدليل على أن التسبيح في الآخرتين يقوم مقام القراءة قلنا إن إيجاب القراءة فيهما على سبيل التخيير وكون الشئ مخيرا فيه لا يخرجه من أن يكون واجبا ومن الدخول تحت ظاهر الآية وأيضا فما رواه عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله ص كان يقرأ في الظهر في الأولتين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الآخرتين بفاتحة الكتاب وكذلك العصر وإذا ثبت أنه ع كان يقرأ في كل ركعة وجب علينا أن نقرأ لقوله صلوا كما رأيتموني أصلي وليس للمخالف أن يتعلق بما روي عنه ع من قوله لا صلاة إلا بقراءة وأن الظاهر يقتضي إجزاء الصلاة بالقراءة في كل ركعة واحدة وذلك أن المقصد بهذا الخبر إيجاب القراءة في الصلوات على الجملة فأما الموضع الذي يجب فيه القراءة فغير مقصود بهذا الخبر وإنما يستفاد بدليل آخر.
المسألة الخامسة والثمانون:
وجوب القراءة متعين بفاتحة الكتاب وغير متعين بالسورة الأخرى عندنا أنه لا يجزئ في الركعتين الأولتين إلا بفاتحة الكتاب ووافق الشافعي على ذلك وزاد إيجاب قراءة الفاتحة في كل ركعة وفي كل ركعتان لمن أحسنها وقال أبو حنيفة قراءة الفاتحة ليس بشرط فإذا قرأ آية من القرآن أجزأه وعنه رواية أخرى أنه قال إذا أتى بما يقع عليه اسم القراءة وكان أقل من آية أجزأه والمشهور الأول وقال أبو يوسف إن قرأ آية طويلة أجزأه وإن قرأ آيات قصارا ما يجزئه إلا ثلث آيات دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتردد ما رواه عبادة بن الصامت أن النبي ع قال لا صلاة لمن لا يقرأ فيها بفاتحة