الوقت وأنتم تفصلون بين الأمرين فظاهر الآية تقتضي الأفضل بينهما فلا دليل لكم على مذهبكم في الآية. قلنا: إنما أمر الله كل مصل للظهر مثلا بالتوجه إلى شطر البيت ما دام في الوقت ولم يأمره بالتوجه بعد خروج الوقت لأنه إنما أمر بأداء الصلاة لا بقضائها والأداء ما كان في الوقت والقضاء ما خرج عن الوقت فهو إذا تحري القبلة وصلى إلى جهة ثم تبين له الخطأ وتيقن أنه صلى إلى غير القبلة وهو في الوقت لم يخرج عنه فحكم الأمر باق عليه ووجوب الصلاة متوجها إلى القبلة باق في ذمته وما فعله غير مأمور به ولا يسقط عنه الفرض فيجب أن يصلى ما دام في الوقت الصلاة المأمور بها وهي التي تكون إلى جهة الكعبة لأنه قادر عليها ومتمكن منها وبعد خروج الوقت لا يقدر على فعل المأمور به بعينه لأنه قد فات بخروج الوقت والقضاء في الموضع الذي يجب فيه. إنما نعلمه بدليل غير دليل وجوب الأداء وهذا الموضع قد بيناه في مسائل أصول الفقه وليس لأحد أن يقول إن المصلي في حال اشتباه القبلة عليه لا يقدر على التوجه إلى القبلة فالآية مصروفة إلى من يقدر على ذلك لأن هذا القول تخصيص لعموم الآية بغير دليل ولأنه إذا تبين له الخطأ في الوقت فقد زال الاشتباه فيجب أن تكون الآية متناولة له ويجب أن يفعل للصلاة إلى جهة القبلة فإن تعلقوا بما روي عن النبي أنه قال رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه والجواب عن ذلك إنا نقول أن خطأه مرفوع وإنه غير مؤاخذ به وإنما تجب عليه الصلاة بالأمر الأول لأنه لم يأت بالمأمور فإن تعلقوا بما روي من أن قوما أشكلت عليهم القبلة لظلمة عرضت فصلى بعضهم إلى جهة وبعضهم إلى غيرها وعلموا ذلك فلما أصبحوا ورأوا تلك الخطوط إلى غير القبلة وقدموا من سفرهم وسألوا النبي ع عن ذلك فسكت ونزل قوله تعالى: فأين ما تولوا فثم وجه الله. فقال النبي أجزتكم صلاتكم والجواب عن ذلك إنا نحمل هذا الخبر على أنهم سألوه ع عن ذلك بعد خروج الوقت وهذا صريح في الخبر لأنه كان بسؤالهم بعد قدومهم من السفر فلم يأمرهم ع بالإعادة لأن الإعادة على مذهبنا لا يلزم بعد خروج الوقت. وأصحاب الشافعي يتأولون الخبر على أنه كان في صلاة التطوع ويروون عن ابن عمر أنه قال نزلت هذه الآية في التطوع خاصة والتأويل الذي ذكرناه يغني عن هذا.
(٢٢٨)