المسألة الحادية والثمانون:
لا تجوز الصلاة في الدار المغصوبة ولا في الثوب المغصوب. هذا صحيح وهو مذهب جميع أصحابنا فالمتكلمين من أهل العدل إلا الشاذ منهم فإن النظام خالف في ذلك وزعم أنها مجزئة ويذهبون إلى أن الصلاة في الدار المغصوبة لا تجزئ وإلى ذلك ذلك ذهب أبو علي وأبو هاشم ومن عداهما من المحققين والمدققين وقال سائر الفقهاء أن الصلاة في الدار المغصوبة والثوب المغصوب مجزئة.
الدليل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المقدم ذكره وأيضا فإن من شرط الصلاة أن تكون طاعة وقربة ولا خلاف في هذه الجملة وكونها مؤداة في الدار المغصوبة يمنع من ذلك. ألا ترى أن عاقلا لا يجوز أن يتقرب إلى الله بما يعلمه قبيحا ومعصية وأيضا فإن من شرط الصلاة أن ينوي بها، إذا كانت واجبة أداء الواجب وكونها في الدار المغصوبة يقدح في النية ويمنع منها ولا شبهة في أن الصلاة في الدار المغصوبة قبيحة ومعصية ومن يظن من الفقهاء خلاف ذلك ويعتقد أنها طاعة ويزعم أن فعله لها منفصل من الغصب له فقد فحش خطاؤه لأن العقل دال على قبح تصرف الغاصب في الدار لأنه ظلم ويجري تصرفه في الدار مجرى تصرفه في المال المغصوب وصلاته في الدار ليس سوى تصرفه فيها. ألا ترى أن قيامه وقعوده وركوعه وسجوده يمنع صاحب الدار من تصرفه فيها فقد صار من جملة الغصب هذا التصرف ولا فرق بين أن يقوم في الدار ويقعد بغير إذن مالكها وبين أن يجعل فيها متاعا. فلو كان قعوده ليس بغصب لكان شغل الدار بالمتاع ليس بغصب وقد تعلق قوم في إجزاء الصلاة في الدار المغصوبة بأن الصلاة تنقسم إلى فعل وذكر والفعل فيها وإن تناول الذكر فالذكر لا يتناولها ولا يمنع أن تجزئ وإن وقعت في الدار المغصوبة من حيث وقع ذكرها طاعة وإن كان فعلها معصية ولا يمتنع أن يتوجه نيته إلى الذكر دون الفعل والجواب عن هذه الشبهة أن الذكر لا يخلو من وجهين: إما أن يكون تابعا للفعل الذي هو الصلاة فيكون هو المعتمد والذكر كالشرط له أو يكون مجموعهما صلاة ولا يمكن غير ذلك فإذا صح ما قررناه فنيته يجب أن تنصرف إلى جملة الصلاة التي هي فعل وذكر وقد بينا أن كونها معصية تمنع من ذلك وذكر بعض محصلي من تكلم في