ان يكون ذلك حقا فإنه إن كان دعاء مستجاب فيكون سببه مثل هذا الجوهر وذلك لأنه كلما يشاهد تغيرات المادة فيعقل صوره نظام الخير والكمال الذي يجب هناك فيكون ما يعقل (1) وكذلك يجوز ان يشاهد به لتغييرات الأحوال في سكان هذا العالم يحدث فيه منها تعقل للواجب الذي يدفع به ذلك النقص والشرية و يجلب الخير فيتبع ذلك التعقل وجود الشئ المتعقل فان عناية مثل هذا الجوهر يجب أن تكون بكل نقص وشر يدخل في هذا العالم واجزائه ليتبع تلك العناية ما يزيلهما من الخير والنظام فلا يجب ان يختص ذلك بشئ دون شئ فإن كان دعاء لا يستجاب أو شر لا يدفع فهناك شر لا نطلع عليه وعسى العناية لا توجبه ومعنى العناية ما أوضحناه.
وقال في فصل آخر يليه معقود لبيان وجود أمورنا نادرة عن هذه النفس حتى مغيرة للطبيعة ولما كان تعقل مثل هذا الجوهر يتبعه الصور المادية في المادة فلا يبعد ان يهلك به شرير أو يتعيش به خير أو يحدث نار أو زلزله أو سبب من الأسباب غير المعتادة لان المواد الطبيعية يحدث فيها ما يعقله هذا الجوهر فيجوز ان يبرد حارها ويسخن باردها ويحرك ساكنها ويسكن متحركها فحينئذ تحدث أمور لا عن أسباب طبيعية ماضيه بل دفعه عن هذا السبب الطبيعي الحادث كما أن أصنافا من الحيوان أو النبات التي من شانها ان تتكون بالتوالد تتكون لا على سبيل التوالد عن أسباب طبيعية مشابهه لها بل على سبيل التولد ويحدث فيها صور حادثه جديدة لم تكن في مباديها ويكون ذلك عن تعقل هذا الجوهر ولا يجب ان ينكر من أحوال التدبير أمور غير معهودة فهيهنا نوادر وعجائب أسبابها مثل هذا الذي وصفنا.
ثم قال في فصل آخر بعد كلام من هذا الباب وسمعت ان طبيبا حضر مجلس ملك من السامانيين وبلغ من قبوله له ان أهله لمواكلته على المائدة التي توضع له في دار الحرم ولا يدخلها من الذكور داخل وانما يتولى الخدمة بعض الجواري فبينا جاريه تقدم الخوان وتضعه إذ قوستها ريح ومنعتها الانتصاب وكانت خطيبة عند