وبالجملة فكلما قضى وقدر حصول امر من الأمور فقد قضى وقدر حصول أسبابه وشرائطه والا فلا إذا أراد الله شيئا هيا أسبابه ومن جمله الأسباب لحصول الشئ المدعو له دعاء الداعي وتضرعه واستكانته بل نسبه الأدعية والتضرعات إلى حصول المطالب ونيل المآرب في الأعيان كنسبة الأفكار والتأملات إلى حصول النتائج والعلوم في العقول والأذهان فثبت ان الأدعية والأذكار جدول من جداول بحار القضاء وساقية من سواقي أنهار القدر قال الشيخ في تعليقاته سبب اجابه الدعاء توافي الأسباب معا للحكمة الإلهية وهي ان يتوافى سبب دعاء رجل مثلا فيما يدعو فيه وسبب وجود ذلك الشئ معا عن الباري تعالى فان قيل فهل كان يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء وموافاته لذلك الدعاء قلنا لا لان علتهما واحده وهو الباري وهو الذي جعل سبب وجود ذلك الشئ الدعاء كما جعل سبب صحه هذا المريض شرب الدواء وما لم يشرب الدواء لم يصح فكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ له فلحكمة ما توافيا معا على حسب ما قدر و قضى فالدعاء واجب وتوقع الإجابة واجب فان انبعاثنا للدعاء يكون سببه من هناك ويصير دعاؤنا سببا للإجابة وموافاة الدعاء لحدوث الامر المدعو لأجله وهما معلولا علة واحده وربما يكون أحدهما بواسطة الاخر.
وقال أيضا إذا لم يستجب الدعاء لذلك الرجل وإن كان يرى أن الغاية التي يدعو لأجلها نافعه فالسبب فيه ان الغاية النافعة انما تكون بحسب نظام الكل لا بحسب مراد ذلك الرجل وربما لا يكون الغاية بحسب مراده نافعه فلذلك لا يصح استجابة دعائه.
وقال أيضا والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الأول قوة تصير بها مؤثرة في العناصر فتطاوعها العناصر متصرفة على ارادتها (1) فيكون ذلك اجابه الدعاء فان العناصر موضوعه لفعل النفس فيها واعتبار ذلك في أبداننا صحيح فانا