مناسبة لأضدادها ولذلك يكون من العجائب النادرة الوقوع فهذا أصل أيضا إذا تقرر هذان الأصلان فنقول ان كل كتابه تكون في الألواح السماوية و الصحائف القدرية فهو أيضا مكتوب الحق الأول بعد قضائه السابق المكتوب بالقلم الاعلى في اللوح المحفوظ عن المحو والاثبات وهذه الصحائف السماوية والألواح القدرية أعني قلوب الملائكة العمالة ونفوس المدبرات العلوية كلها كتاب المحو والاثبات و يجوز في نقوشها المنقوشة في صدورها وقلوبها أي طبايعها (1) ونفوسها ان تزول وتتبدل لان مرتبتها لا تأبى ذلك كما بينا في مباحث حدوث العالم وتجدد الطبايع والنفوس وسائر القوى المتعلقة بالأجرام والذي فيه يستحيل التغير والتبدل انما هو ذات الله وصفاته الحقيقية وعالم امره وقضائه السابق وعلمه الأزلي فمن هذه الألواح القدرية وأقلامها الكاتبة والناقشة لصورها وصف الله نفسه بالتردد كما في قوله ما ترددت في شئ انا فاعله الحديث وبالابتلاء كما في قوله تعالى وبلوناهم بالحسنات والسيئات وقوله ونبلو أخباركم وقوله تعالى حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين والملك الموكل لهذا التصوير الكاتب لهذه الأرقام الإلهية القدرية ملك كريم كما قال تعالى كراما كاتبين والله تعالى هو المملي عليه على وجه يليق بعنايته المبراة عن التغيير والحدوث ولو لم يكن الامر كذلك من توسيط هذه النفوس القابلة لتوارد الصور الإرادية وتجدد الأرقام العلمية ونسخ الكتب السماوية لكانت الأمور كلها حتما مقضيا (2) وكان الفيض الإلهي مقصورا على عدد معين غير متجاوز من حدود الابداع
(٣٩٧)