ومنها ان ارادته مما يجب به الفعل إذ لو لم يجب بها لم يوجد بها كما علمت ثم إنه بعد تعلق الإرادة لا يبقى في صرافة الامكان لامتناع تخلف المراد عن ارادته وارادته على ما هو التحقيق عين ذاته فبالنظر إلى ذاته يجب ان يوجد العالم فيكون العالم من لوازم ذاته فنسبه العالم إليه نسبه الحرارة إلى النار ونسبه الضوء إلى الشمس على ما يرى ظاهرا بل كنسبة الزوجية إلى الأربعة وإذا كان كذلك كان الباري موجبا لا مختارا إذ لا معنى للموجب الا ما يجب الفعل والايجاد نظرا إلى ذاته ويكون القول بكونه مريدا مجرد تسميه واطلاق لفظ من غير تحقق المعنى المسمى به.
ويدفع بما قد تكررت الإشارة إليه من أن ذاته تعالى عين الإرادة والرضا (1) فبالحقيقة يكون الإرادة مبدء صدور الفعل وهذا اجل ضروب كون العفل حاصلا بالإرادة ومن انه فرق بين الوجوب عنه والوجوب عليه ومن أن ذاته وإن كان أمرا بسيطا هو عين ارادته لكن ذاته ذات يعتبر فيها روابط ومناسبات مع هويات الممكنات وله بحسب معاني صفاته وأسمائه نسب وإضافات مع أعيان المهيات الثابتة في الأزل في حد علمه الاجمالي وعقله البسيط بوجه والمفصل بوجه اما البساطة والاجمال فبالنظر إلى هويته الوجودية التي لا تركيب فيها أصلا بوجه من الوجوه لا عقلا وذهنا بحسب التحليل العقلي ولا عينا وخارجا بحسب التعدد الخارجي فالأول كالمركب العقلي من الجنس والفصل أو الماهية والوجود والثاني كالمركب من المادة والصورة أو ما يجرى مجراهما وبالنظر إلى معاني صفاته ومفهومات أسمائه كان العالم الربوبي والصقع الإلهي كثيرا جدا بحيث لا تنثلم بتلك الكثرة أحدية الحق وبساطته وهذا امر عجيب جدا الا انا أوضحنا سبيله من الأصول التي قررنا بنيانها وأحكمنا برهانها فنقول إذا اخذت ذاته باعتبار انضمام هذه الروابط والمخصصات التي يعبر عنها بالخزائن كما في قوله وان من شئ الا عندنا خزائنه