تعالى وكذلك إرادات ومرادات حاصله من الوجود الواجبي والعلم الأزلي و الإرادة السرمدية على ترتيب ونظام به يصح صدور الكثير كما في حصول مراتب الاعداد والكثرات من الوحدة على ترتيب ونظام لو لم يكن لم يمكن حصول الكثرة منها فان الوحدة أبعد الأشياء عن الكثرة ومع ذلك تنشأ منها وتحصل عن تكررها فتأمل فيه وتدبر.
ومنها ان الباري لو كان مريدا لخلق العالم فاما ان يريد خلقه في جميع الأوقات فيلزم قدم العالم بل قدم كل حادث وأهل الحق قائلون بحدوث العالم بجميع اجزائه على أنه لو كان قديما امتنع القصد إلى ايجاده لان قصد ايجاد الموجود ممتنع واما ان يريد تخصص خلق العالم بوقت معين فذلك الوقت لم يوجد في الأزل والا عاد إلى القسم الأول فهو حادث بعد أن لم يكن بإرادته فاما انه أراد خلقه أزلا وأبدا (1) فيلزم قدمه أو في وقت معين وننقل الكلام إليه فيلزم اشتراط كل وقت بوقت آخر ويلزم التسلسل.
والجواب انه تعالى أراد بإرادته القديمة ايجاد نفس الوقت المعين بعد العدم لا انه أراد ايجاده في وقت معين حتى يلزم التسلسل وبالجملة انه أراد بالإرادة القديمة ايجاد كل العالم واجزائه وجزئيات اجزائه (2) في أماكنها وأوقاتها المخصوصة وأراد ايجاد الأوقات بهوياتها المخصوصة لا في أوقات أخرى وكذا أراد ايجاد الأماكن بهوياتها المخصوصة لا في أماكن أخرى وذلك لان تخصيص الحادث بوقت خاص يفتقر إلى ذلك الوقت ولا يفتقر ذلك الوقت في تخصصه إلى شئ آخر غير الإرادة القديمة لان التخصص الحدوثي فيه عين ذاته وهويته والذاتي