الذي يتبع الحكمة والمصلحة انما يكون بالإرادة لأنا نقول الكلام عائد في كون بعض اجزاء الزمان متضمنا لحكمه الايجاد دون غيره مع تساويها في الحقيقة وأيضا حكمه الله لا تتبع تخصيص جزء الزمان لو فرض تخصيصه بل تخصيصه بأمر وكذا تخصيص سائر الأشياء بخواصها ولوازمها يتبع حكمه الله وعلمه وارادته التي هي عين علمه ولا استبعاد في كون العلم نفسه سببا لصدور الأشياء ووجودها كالماشي على جدار دقيق العرض إذا تصور السقوط يسقط بتصوره وعد من هذا القبيل تأثير بعض النفوس بالهمة والوهم وكذا اصابه العين التي علم تأثيرها باخبار الوحي والسنة من قوله تعالى وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بابصارهم لما سمعوا الذكر ومن قوله ص العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر وإذا جاز ان يكون العلم الضعيف البشرى مؤثرا في وجود المعلوم فالأولى ان يجوز ذلك في العلم الأزلي الذي لمنشئ العالم من العدم الصرف.
قال بعض المتأخرين كما أن العلم العقلي البسيط فينا يصير مبدء لتفصيل الصور العلمية الكلية في نفوسنا ولتفصيل الصور الجزئية في خيالنا فان الملكة الحاصلة في أنفسنا من مزاولة العلوم وتكرر المسائل يصير سببا لحضور تلك المسائل ووجودها بالتفصيل في نفوسنا وأذهاننا وانما تبقى موجودة حاضره بالتفات النفس إليها حتى لو ذهلت النفس عنها طرفه عين غابت وانعدمت كما حقق في موضعه فكذلك العلم البسيط الأزلي الذي للبارى تعالى بالممكنات الذي هو عين ذاته المقدسة سبب لوجود الممكنات مفصله في الخارج حاضره عنده غير غائبة فان وجودها عنه في الخارج عين حضورها عنده فيه فذوات الممكنات بالحقيقة صور علمية للبارى تعالى متحققه بالروابط العلمية التي لها معه بحيث لو انقطعت هذه الروابط ولو طرفه عين لم يبق للمكنات عين ولا اثر وقد علمت من طريقتنا من كون الموجود هو الوجود وكون الوجود عين العلم فالروابط الوجودية للأشياء إليه تعالى هي بعينها الروابط العلمية إليه والعلم فيه سبحانه عين الإرادة فتلك الأشياء كما انها وجودات وموجودات صادره منه كذلك علوم ومعلومات له