معنى واحد كالعلم وهي في الواجب تعالى عين ذاته وهي بعينها عين الداعي و في غيره ربما تكون صفه زائدة عليه وتكون غير القدرة وغير الداعي كما في الانسان فإنها كثيرا ما تنفك عن قدرته التي هي بمعنى صحه الفعل كالمشي والكتابة وغيرهما وتركه وهي أيضا غير الداعي الذي يدعوه إلى فعله كالنفع المتوقع من فعل الكتابة مثلا أو على تركه كالضر المترتب على فعلها فهذه الثلاثة أعني القدرة والإرادة و الداعي متعددة في الانسان بالقياس إلى بعض أفعاله متحدة في حق الباري سبحانه وكلها فيه عين الذات الأحدية وفي الانسان صفات زائدة عليه وانما خصصنا تعدد هذه الثلاثة فيه بالقياس إلى بعض أفعاله لأنها قد تكون بالقياس إلى ضرب من أفعاله الباطنية شيئا واحدا كالتدابير الطبيعية والتحريكات الذاتية مثل التغذية والتنمية والتوليد (1) وغير ذلك كما لا يخفى عند البصير المتأمل في حكمه الله في هذا العالم الصغير وكيفية الترتيب البديع والصنع المنيع والنظام الشريف الذي روعي فيه وأودع في قواه.
ثم نرجع ونقول ان الانسان لكونه مخلوقا على صوره الرحمن لا يصدر عنه فعل خارجي أو حركه خارجية بالقصد الا وينشأ مبدئه من ذاته ويقع له المرور على سائر مراتبه وقواه المتوسطة بين النفس وبين مظهر أفعالها وآله تحريكاتها وتلك القوى ومواضعها من الأرواح البخارية والأعضاء بمنزله عالمي الملك والملكوت في الانسان الكبير وهذا الملكوت كنظيره في أن بعضه أعلى كالعقل العملي (2) والوهم والمتخيلة (3)