موجبه للفعل مغائرة للشوق الذي هو توقان النفس إلى حصول المطلوب اما أولا فلان الشوق إلى الفعل لا يوجد الفعل البتة وان بلغ الشوق إلى كماله كما في الزاهد المجتنب عن الشهوات المحرمة إذا غلبه الشوق إلى نيل لذه محرمه وربما يوجد الفعل مع شوق ضعيف واما ثانيا فلان الشوق قد يتعلق بالضدين كما يشتاق النفس إلى حركه إلى جهتين مختلفتين إحديهما للقاء محبوبه والثانية للغلبة على عدوه ولا يتعلق الإرادة بضدين حتى قيل إن اراده أحد الضدين عين كراهة الضد الاخر و اما ثالثا فلانا نحكم بثبوت الإرادة بديهة في مواضع مع الشك في ثبوت الشوق كما إذا شاهدنا من يتناول الدواء المر البشع فانا نعلم ضرورة انه مريد له ولا نعلم ضرورة ان له شوقا إليه (1) وان أثبتنا له شوقا فإنما يكون بالتأمل والفكر فهما متغايران انتهى ما ذكره.
أقول لعلك لو اخذت الفطانة بيدك وأحطت علما بما سبق من الكلام علمت ما في كلام هؤلاء الأذكياء الاعلام من وجوه الخلل والخبط ومبناها في الأكثر على أنهم زعموا ان الإرادة في كل ذي اراده بمعنى واحد متواط كما فهموا الوجود أيضا هكذا وليس الامر كما زعموه بل الإرادة في الأشياء تابعه لوجودها وكما أن حقيقة الوجود مختلفه بالوجوب والامكان والغنى والحاجة والبساطة والتركيب والصفا والكدورة والتجرد والتجرم والخلوص عن شوائب الاعدام والجهالات و الامتزاج بها ويكون بعضها خيرا محضا (2) لا يتصور فيه شرية أصلا وبعضها