الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٥
قدرته وارادته لكونهما تابعين للحياة والعلم (1) ويثبت أيضا قيومية وجوده لان الوجود الشديد فياض فعال لما دونه فهو العليم القدير المريد الحي القيوم الدراك الفعال ولكونه مستتبعا للمراتب التي تليه الأشد فالأشد والأشرف فالأشرف ثبت صنعه وابداعه وأمره وخلقه وملكوته وملكه فهذا المنهج الذي سلكناه أسد المناهج وأشرفها وأبسطها حيث لا يحتاج السالك إياه في معرفه ذاته تعالى وصفاته

(1) وأيضا ثبت قدرته لكون الوجود ظاهرا بالذات مظهرا للغير فهو نور والنور فياض الشعاع والفيضان إذا كان عن علم ومشيه فهو قدره لان القدرة ليست الا هذا وهذا النور ليس نورا حسيا عرضيا حتى يكون عديم الشعور والمشية وثبت ارادته لكون الوجود عين العشق والمحبة لذاته وثبت حياته لكون الحي هو الدراك الفعال وثبت تكلمه لكون التكلم اعرابا عما في الضمير ومرتبة الظهور من حقيقة الوجود اعراب عن مرتبه الخفاء كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف وثبت سمعه وبصره لان إذا كان كل الوجودات حاضره له فمن جملتها المسموعات والمبصرات وقس عليه كل الصفات الكمالية لكن يجب ان يعلم أنه كما أنه إذا قيل الممكنات متساوية النسبة إلى الوجود والعدم أو انها اعتبارية يذهب الوهم أو العقل الجزئي إلى الماهيات الموجودة ويأخذ الوجود معها ويغلط ويغالط والحال ان مراد القائل المحقق بها ليس الا شيئية الماهية التي هي من واد والوجود من صقع آخر كذلك إذا قيل الوجود عين العلم والإرادة والقدرة ونحوها يذهب الوهم بل العقل إلى هذا المفهوم العام البديهي الذي هو خال عنها وظل واحد من حقيقة الوجود في العقل فان للحقيقة عنوانات وأظلالا أخرى في العقل كالوحدة والتشخص والعلم والحياة والقدرة وغيرها.
وأما إذا ذهب العقل المكتحل بنور الله إلى الحقيقة البسيطة المبسوطة التي يكون المنبسط عليه لها في الذهن بل في اعتباره حتى يكون هذا الذهاب والمراجعة إليها مقامه كيف لا يذعن ويجدها خاليه والحال ان فوق التمام والتامات كالعقول والناقصات كالنفوس وجودات قائمه وهي علوم بذواتها بأنفس ذواتها الوجودية والصور العلمية التي للنفوس وجودات نورية وكذا هذه الوجودات إرادات وابتهاجات من ذواتها بذواتها وبآثارها من حيث هي آثارها وقس عليهما الباقي.
واما العقل غير المكتحل بنور الله تعالى فضلا عن كونه صاحب المقام في دوام التذكر فهو ان ذهب إلى المعنون انقطع في وجودات عالم الفرق ولا يذهب إلى وجود عالم الملكوت والجبروت فضلا عن اللاهوت ولا ينظر الا بنظر اجمالي فهذا سر عدم فهم العقول الجزئية الصفات الكمالية لحقيقة الوجود فافهم واستقم س قده.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست