الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٨
على أن بعضه واجب لا على وجود ذات الواجب في نفسه الذي هو علة كل شئ فكون مفهوم الموجود مشتملا على فرد هو الواجب حال من أحواله التي اقتضاها فالاستدلال بحال (1) تلك الطبيعة المشتركة على أخرى معلوله للحال الأولى (2) وربما قرروا الجواب بأنه ليس الاستدلال على وجود الواجب في نفسه بل على انتسابه إلى هذا المفهوم وثبوته له على نحو ما ذكره الشيخ في الاستدلال بوجود المؤلف على وجود ذي المؤلف فوجود الواجب في نفسه علة لغيره مطلقا وانتسابه إلى هذا المفهوم معلول له وقد يكون الشئ في نفسه علة لشئ وفي وجوده عند آخر معلولا كما حقق في موضعه هذا خلاصه ما افاده بعض المحققين من أهل البحث.
وفيه ما لا يخفى من التكلف (3) (4) والحق كما سبق ان الواجب لا برهان

(١) هذه الحال كون الموجود اما واجبا واما ممكنات متسلسلة واما ممكنات دائرة واما ممكنات مترجحة الوجود من جهة ماهياتها على حال أخرى هي كون بعض منه واجبا وبعض آخر منه ممكنا على البت واليقين.
ان قلت حينئذ فالنتيجة حال مفهوم الموجود لا وجود الواجب تعالى.
قلت وجود الواجب يستنبط على وجه الاستتباع واللزوم فالبرهان عليه بالعرض س قده (2) الحق انها ملازمه للحال الأولى لا معلوله لها ولا هما معلولتا علة ثالثه لأنهما من اللوازم العامة المساوية للوجود ولا علة له ط مد ظله.
(3) اما أولا فلانه لم يكن البرهان حينئذ لميا بل مصحوب اللم.
واما ثانيا فلانه يجرى في سائر الطرق مثلا يقال استدل بحال مفهوم المحدث وانه ذو فرد حادث محتاج إلى العلة على حال أخرى له وهو انه ذو فرد غير حادث هو الواجب لا على ذات الواجب وكذا الاستدلال بحال مفهوم المحرك وهو كونه ذا فرد متحرك محتاج إلى محرك آخر غيره على حال أخرى له وهو كونه ذا فرد غير متحرك هو الواجب لا على ذات الواجب واما ثالثا فلان الاستدلال بوجود المؤلف على وجود ذي المؤلف ليس بأدنى من عكسه ولا من استنادهما إلى علة ثالثه هي الواجب فالحق ان يقال إن الشيخ وهؤلاء وكذا من قال إن كون العالم مصنوعا ومجعولا وعلة لكون الواجب صانع العالم لا لذاته المتعالية ومروا إلى مقام ظهور الحق تعالى على الأشياء فان له تعالى ظهورا في مقام ذاته وهو ظهوره بذاته على ذاته وهو عين مقام الخفاء على مخلوقاته و ظهورا على ما عدا ذاته في مقام فعله وهو الظهور في مظاهر ذاته ومجالي صفاته واليه أشير في الحديث القدسي كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف ومن هنا قيل فلست تظهر لولاي لم أكن لولاك أو يقال أرادوا بالمجعولية والمؤلفية بفتح اللام حقيقة المجعول بالذات الذي هو الوجود الحقيقي للعالم وبالصانعية والمؤلفية بكسر اللام مفهومهما الإضافي المتحقق بتحقق منشأ انتزاعه فتلك المجعولية الحقيقية نفس الإضافة الاشراقية أي الاشراق المبنى للمفعول كما أن الجاعلية الحقيقية عين الإضافة الاشراقية ولكن الاشراق المبنى للفاعل وحقيقة الأولى هي حقيقة الوجود المنبسط على الماهيات كما أن حقيقة الثانية هي ذلك الوجود المنبسط ولكن ساقط الإضافة عنها متعلقا بالحق المتعال وهو الايجاد الحقيقي لا المصدري فهذه المجعولية الحقيقية والإضافة الاشراقية علة لإضافاته تعالى التي لا تعقل الا بين الامرين لا لإضافته الاشراقية المبنية للفاعل فضلا عن ذاته المتعالية بذاته س قده.
(4) وهو مسلم في الجواب الثاني وممنوع في الأول ط مد ظله
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست