ويرد عليه ما أورده بعض المتأخرين بأنه لما كانت العلة مبائنة للمعلول مغائرة له في الوجود (1) فلا يكون حضورها حضوره وما لم يحضر الشئ عند المدرك لا يكون مشعورا به بمجرد كونه مبدء امتيازه على أن قياس العلة على الصورة وإزالة الاستبعاد بذلك مستبعد جدا إذ الصورة عين مهية المعلوم على ما هو التحقيق أو شبح ومثال له على المذهب المرجوح المصادم للتحقيق وليست العلة حقيقة المعلول ولا مثالا له محاكيا عنه (2) فقياسها على الصورة قياس فقهي مع ظهور الفارق.
وعن الثاني بان ذاته علم اجمالي بالأشياء بمعنى انه يعلم الأشياء بخصوصياتها لا على وجه التميز (3) فان العلم شئ والتميز شئ آخر والأول لا يوجب الثاني وقيل عليه انا نعلم بديهة انه لا يمكن ان يعلم معلومات متبائنة الحقائق بخصوصياتها لحقيقة واحده مبائنة لجميعها وان فرضنا انه لم يتميز بعضها عن بعض في نظر العالم.
واعلم أن الموروث من القدماء في تقرير هذا المطلب أعني كيفية تعقله للأشياء في مرتبه ذاته هو ما ذكرناه من انطواء العلم بالكل في علمه بذاته كانطواء العلم بلوازم الانسانية في العلم بالانسانية (4) وهذا أيضا كلام في غاية الاجمال وان