الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٤١
ويرد عليه ما أورده بعض المتأخرين بأنه لما كانت العلة مبائنة للمعلول مغائرة له في الوجود (1) فلا يكون حضورها حضوره وما لم يحضر الشئ عند المدرك لا يكون مشعورا به بمجرد كونه مبدء امتيازه على أن قياس العلة على الصورة وإزالة الاستبعاد بذلك مستبعد جدا إذ الصورة عين مهية المعلوم على ما هو التحقيق أو شبح ومثال له على المذهب المرجوح المصادم للتحقيق وليست العلة حقيقة المعلول ولا مثالا له محاكيا عنه (2) فقياسها على الصورة قياس فقهي مع ظهور الفارق.
وعن الثاني بان ذاته علم اجمالي بالأشياء بمعنى انه يعلم الأشياء بخصوصياتها لا على وجه التميز (3) فان العلم شئ والتميز شئ آخر والأول لا يوجب الثاني وقيل عليه انا نعلم بديهة انه لا يمكن ان يعلم معلومات متبائنة الحقائق بخصوصياتها لحقيقة واحده مبائنة لجميعها وان فرضنا انه لم يتميز بعضها عن بعض في نظر العالم.
واعلم أن الموروث من القدماء في تقرير هذا المطلب أعني كيفية تعقله للأشياء في مرتبه ذاته هو ما ذكرناه من انطواء العلم بالكل في علمه بذاته كانطواء العلم بلوازم الانسانية في العلم بالانسانية (4) وهذا أيضا كلام في غاية الاجمال وان

(1) هذا ممنوع بل السنخية معتبره فيما بين العلة والمعلول س قده (2) هذا هكذا بالنسبة إلى ماهية المعلول واما بالنسبة إلى وجوده ففيه كلام ولا سيما في المفارقات إذ قد مر عن المعلم الأول ان ما هو ولم هو في كثير من الأشياء واحد والتعبير بحقيقة الحقائق في كلام أهل الذوق واقع س قده (3) هذا بظاهره يناقض الجواب الأول لان بنائه كان على حصول التميز بالمقتضى و بناء هذا على نفى التميز رأسا والتوفيق ان المثبت هناك التميز في المعلومات والمنفي هنا التميز في العلم أي ليس مطلوبنا الا العلم الاجمالي بالأشياء الكثيرة وهو يتأتى بالصورة الواحدة البسيطة والتميز في العلم لا يجب الا إذا كان ذلك العلم تفصيليا وهذا يؤيد الأنسبية المذكورة س قده (4) ان أريد لوازم الماهية فالانطواء ممنوع وان كانت اللوازم لوازم بينه اللهم الا ان يراد بها مطلق ما لا ينفك عن الشئ حتى يشمل الذاتيات ولكن يكون حينئذ كمثال الحد والمحدود وسيأتي حاله والأولى ان يراد بالانسانية الانسان العقلي الجبروتي الجامع لكل الوجودات والكمالات في افراد الانسان الملكوتي والناسوتي وباللوازم لوازم الوجود الخارجي لزوما غير متأخر في الوجود س قده
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست