الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٩
واعلم أن كون ذاته عقلا بسيطا هو كل الأشياء امر حق لطيف غامض لكن لغموضه لم يتيسر لاحد من فلاسفة الاسلام وغيرهم حتى الشيخ الرئيس تحصيله واتقانه على ما هو عليه إذ تحصيل مثله لا يمكن الا بقوة المكاشفة مع قوة البحث الشديد والباحث إذا لم يكن له ذوق تام وكشف صحيح لم يمكنه الوصول إلى ملاحظة أحوال الحقائق الوجودية وأكثر هؤلاء القوم مدار بحثهم وتفتيشهم على احكام المفهومات الكلية وهي موضوعات علومهم (1) دون الآنيات الوجودية ولهذا إذا وصلت نوبة بحثهم إلى مثل هذا المقام ظهر منهم القصور والتلجلج والتمجمج في الكلام فيرد عليهم الاعتراض فيما ذكروه من أنه كيف يكون شئ واحد بسيط غاية الوحدة والبساطة (2) صوره علمية لأشياء مختلفه كثيره فقد انثلم قاعدتكم ان

(1) فيدور كلامهم حول الماهيات والمفاهيم العامة الانتزاعية والبحث عنها ولا يرتاب أحد في امتناع انطباق مفهوم على مفهوم آخر فان المفاهيم مثار البينونة والاختلاف فكيف يمكن ان يكون العلم بمفهوم أو ماهية أي حضوره عند العالم منطبقا على العلم بجميع المفاهيم أو الماهيات ومن البين انه لا يقع مفهوم على آخر في مقام مفهوميته بخلاف ما إذا كان مدار البحث على الوجود بحيث تقع نفس الآنية الخارجية موضوعا له فعندئذ انطباق العلم الاجمالي على التفصيلي بمكان من الامكان اد (2) لو علموا ان هذه الوحدة وحده حقه حقيقية لا عددية تقابلها أو علموا ان كل شئ له وجه إلى الله ووجه إلى النفس وان ازدواج وجه الله ووجه النفس وتركيبهما ليس كما فيما بين شئ وشئ بل كما فيما بين شئ وفي ء خصوصا في ء فان في شئ كما في الفارسي تو آفتاب منيرى ومغربى سايه * ز آفتاب بود سايه را وجود وهلاك فإذا اطلعت شمس الحقيقة اضمحلت المجازات وعنت الوجوه للحي القيوم.
وقد تقرر في قاعدة الوجود والماهية واتحادهما ان الوجود ليس الا كون الماهية و تحققها بمعنى ان لا تحقق لها الا بالوجود فالسواد مثلا بلحاظ انه سواد بالحمل الأولى وإن كان وجودا بالحمل الشائع فان التخلية عين التحلية ماهية السواد واما تحقق السواد وهو ليس الا كونه لا أمرا ينضم إليه إذ المنضم إليه امر مبهم لا تحصل له فهو فرد الوجود و التحقق وقد علمت أن التحقق أحق بالتحقيق مما لا يتحقق الا به وحكم التميز بينونة صفه لا بينونة عزله ان هي الا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما انزل الله بها من سلطان لما اعترضوا بأمثال ذلك وما نطقوا الا بالحق س قده
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست