وفي ذاتها تلك اللوازم على أنها من حيث هي قابله فاعله فان البسيط ما عنه وما فيه شئ واحد إذ لا كثره فيه ولا يصح فيه غير ذلك والمركب يكون ما عنه غير ما فيه إذ هناك كثره وقال كل اللوازم هذا حكمها.
ومنها قوله ان البسائط ليس فيها استعداد فان الاستعداد هو ان يوجد في الشئ شئ عن شئ لم يكن وكان استعداده لقبول ذلك الشئ مقدما على قبوله بالطبع.
ومنها قوله النفس الانسانية (1) لا يصح أن تكون فاعله للمعقولات قابله لها بعد أن لم تكن فان مثل ذلك يجب ان يسبقه معنى ما بالقوة وفيه استعداد فاما الشئ الذي حقيقته ان يلزمه المعقولات دائما فلا يجب ان يكون في معنى ما بالقوة.
ومنها قوله الذي يقبل المعقولات لا يصح ان يكون فاعلا لها لأنه لا يصح ان يكون الشئ الواحد فاعلا وقابلا بعد أن لم يكن فاعلا وقابلا فإنه يسبقه معنى ما بالقوة.
أقول قد ظهر من هذه البيانات الواضحة الخفية على أكثر الناس ان منشأ التركيب في شئ من جهة عروض عارض له ليس الا سبق معنى القوة سبقا زمانيا أو سبق معنى الامكان سبقا ذاتيا والأول يوجب التركيب الخارجي والتعدد في الوجود كعروض البياض للجسم وحركه للمتحرك فالفاعل هو الصورة وما يجرى مجريها والفعل من جهتها والقابل هو الهيولى وما يجرى مجريها والانفعال من جهتها والثاني يوجب التركيب العقلي والتعدد في المعنى كعروض الوجود للمهية فالفعلية من جهة الوجود والامكان من جهة المهية واما اللوازم الذاتية فليست الذات ذات اللوازم من جهة لوازمها بل من جهة نفسها فليس لها من جهة ذاتها امكان تلك اللوازم بل ايجابها ووجوبها فلا تكثر فيها من جهتي الامكان والوجوب كما لا تكثر فيها من جهتي الفعل والانفعال