والحال ان الموجبتين في الثاني لا تنتجان وذلك وهم فاسد بل إنهم قالوا كل ما هو موجود مستقل الوجود مجرد عن المادة فصوره ذاته موجودة لذاته لا لغيره فيكون معقولا لذاته وعاقلا لذاته أو قالوا إن كلما هو مجرد عن المواد اما ان يصح ان يعقل أو لا يصح ومحال ان لا يصح ان يعقل (1) إذ كل موجود يمكن ان يعقل بوجه فصحه معقوليته اما بان لا يتغير فيه شئ حتى يصير معقولا بالفعل أو بان يتغير فيه شئ كالحال في المعقولات بالقوة من الأجسام وغيرها التي تحتاج في معقوليتها إلى نزع وتجريد مجرد ينتزعها ويجردها عن المادة وعن غواشيها حتى تصير معقولة بالفعل بعد ما كانت معقولة بالقوة لكن الشق الثاني لا يصح في المجرد بالفعل إذ كل ما له من الصفات والأحوال بالامكان العام فهو له بالوجوب إذ لا انفعال ولا تغير له فلا يسنح له شئ لم يكن فكلما يجوز له يجب له فلما جاز كون كل مجرد معقولا فوجب ان يكون معقولا بالفعل دائما فوجب ان يكون معقولا لذاته مع قطع النظر عن غيره فهو عاقل لذاته (2) فإن لم يكن عاقلا لذاته بالفعل لكان معقولا لذاته بالقوة وقد فرضناه
(١٦٨)