الثالث ان كثيرا من المنتسبين إلى العلم والفضل زعموا انه عند كون الشئ عالما بذاته ومعلوما لذاته يلزم اختلاف الحيثيتين وان موضوع العالمية غير موضوع المعلومية بالاعتبار وصاحب حواشي التجريد قايس ذلك على معالجة الشخص نفسه إذ لا شك انه من حيث كونه معالجا غيره من حيث كونه مستعلجا فالمؤثر النفس من حيث ما لها من ملكه المعالجة والمتأثر هي من حيث ما لها من استعداد قبول العلاج والعجب أنه قايس بين اختلاف أمرين لا يوجب تكثرا أصلا لا في الخارج ولا في الذهن ولا في الذات ولا في الاعتبار كالعالمية والمعلومية وبين اختلاف أمرين لا بد فيه من التكثر في الخارج والعين دون الذهن والاعتبار فان التأثير التجددي والتأثر التجددي وهما جنسان عاليان لا يشتركان في ذاتي أعني مقولتي ان يفعل وان ينفعل فالقوة الانفعالية لا بد لها من مادة جسمانية فعند انفعال النفس بحصول حاله نفسانية جديدة لا بد لها من مادة بدنية حامله لقوه الانفعال حتى ينتقل النفس بها من حاله إلى حاله أخرى حتى لو فرضنا النفس غير متعلقه ببدن مادي لا يمكن لها عند ذلك استكمال بكمال مجدد ولا انفعال بصفة حادثه لها فبالحقيقة المعالج (1) يعنى المداوي المفيد للشفاء والدواء هو قوة اجل وارفع من النفس الطبيعية فضلا عن المريضة والمستعلج يعنى المريض الممنو بالآفة والنقص وهو الامر المتعلق بما هو منبع الآفة والشر وهو المادة أو ما يتصل بها من جهة اتصاله بها سواء كان صوره طبيعية أو نفسانية فالموضوع فيهما مختلف ذاتا واعتبارا واما موضوع العالمية والمعلومية فهو لا يستدعى اختلافا لا في الذات ولا في اعتبار الذهن كما صرح به الشيخ في كثير من كتبه الرابع ان جمهور المتأخرين زعموا ان التضايف مطلقا (2) من اقسام التقابل
(١٧٢)