الأخروي مع تفاوت درجاته وطبقات الجنان في ذلك فكل طبقه هي أشد براء ه عن هذا العالم وأكثر تجردا وارتفاعا عن المادة فهي أشد ظهورا وأكثر حضورا وجمعية.
اعلم أن أكثر القوم زعموا ان المانع عن المعلومية هو كون الشئ مقارنا لأمور زائدة على ذاته مؤثرة فيه كمقارنة اللون والوضع والشكل وغيرها لان العلم عبارة عند كثير منهم عن امتياز الشئ عن غيره بوجه كلي فكل ما هو مخلوط بغيره ما دام كونه مخلوطا به لا يكون معلوما بل يكون مجهولا فقالوا المعلوم (1) اما مجرد عما سواه أو مخالطه به مخالطه مؤثرة من الأغشية والملابس فالأول يسمى معقولا كالانسانية المطلقة المطابقة لافرادها المتفاوتة في العظم والصغر المختلفة في الوضع والأين والمتى ولو لم تكن مجرده عن مقدار خاص ووضع خاص وزمان خاص لما طابقت المختلفين ولما صح حمل الحيوانية المطلقة على البق والفيل وسائر المختلفات في هذه العوارض الغريبة.
والثاني يسمى محسوسا سواء كان مبصرا أو مسموعا أو مشموما أو مذوقا أو ملموسا أو متخيلا أو موهوما واما المقارنة غير المؤثرة فهي غير مانعه عن المعقولية كمقارنة السواد للحركة فان وجود أحدهما للاخر أو عدمه عنه لا يتغير به نحو وجود الاخر بخلاف مقارنه الوضع والمقدار وغيرهما لزيد مثلا فإنها إذا زالت عنه زال وجوده الشخصي فلأجل ذلك مدار المعقولية عندهم بالانفراد والتخلص بالكلية عن العوارض الغريبة وكذا مدار المدركية على شئ ما من التجرد فالمتجرد عن أصل المادة دون عوارضه هو المحسوس بشرط تحقق نسبه ما وضعية لمحل الصورة الادراكية لمادتها الخارجية والمتجرد عن المادة وعوارضها الا المقدار هو المتخيل و المتجرد عن الجميع الا نسبه غير وضعية هو الموهوم والمتجرد بالكلية المساوي