الربوبي من جهة كثره المعاني الأسمائية والصفات عالم عظيم جدا مع أن كل ما فيه موجود بوجود واحد بسيط من كل وجه وهذا من العجائب التي يختص بدركها الراسخون في العلم فلذلك أوجد الباري جل ذكره ما سواه ليكون مظاهر لأسمائه الحسنى ومجالي لصفاته العليا فلما كان قهارا أوجد المظاهر القهرية (1) التي يترتب عليها اثر القهر من الجحيم ودركاتها وعقاربها وحياتها وعقوباتها وأصحاب سلاسلها وأغلالها من الشياطين والكفار وسائر الأشرار ولما كان رحيما غفورا أوجد مجالي الرحمة والغفران كالعرش وما حواه من ملائكة الرحمة وكالجنة و أصحابها من المقربين والسعداء والأخيار وهكذا القياس في سائر الأسماء ومظاهرها ومشاهدها والصفات ومجاليها ومحاكيها.
واعتبر من أحوال نفسك الناطقة المفطورة على صوره الرحمن وهي حجه الله على الخلق فاعرف ان كل ما يصدر عنك من الأقوال والأحوال والحركات والسكنات و الأفكار والتخيلات هي مظاهر ما كمن في ذاتك من الصفات والأسماء فإنك إذا أحببت أحدا وواليته دعتك تلك المحبة إلى أن يظهر منك ما يدل على محبتك إياه من المدح والتعظيم والتبسيط والتكريم والدعاء له واظهار الفرح والنشاط والتبسم والمطائبة ولو لم تكن أحببته لما ظهر منك شئ من هذه الأمور فهذه الآثار والنتائج مظاهر لصفة المحبة التي فيك وإذا عاديت أحدا ظهر منك من الأقوال والحركات والآثار ما يدل على معاداتك إياه