واما المتأخرون منهم كتوابع المشائين وسائر المحدثين فقد وقع لهم سهو عظيم وأغلاط كثيره في الإلهيات وكثير من الطبيعيات من المطالب التي لا يعذر الخطأ والنسيان فيها من الانسان ولا ينجو من عذاب الجهل فيها ابدا إذا كان فيه استعداد وقوه سلوك نحو المعاد وقد ضل وغوى وانحرف عن طريق المسرى والمأوى والرجل الحكيم لا يلتفت إلى المشهور ولا يبالي إذا أصاب الحق من مخالفه الجمهور ولا يتوجه في كل باب إلى من قال بل إلى ما قيل كما نقل عن مولانا امام الموحدين وأمير المؤمنين ع أنه قال لا يعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف أهله ونحن لم نقصد في تحقيق كل مسألة وتنقيح كل مطلوب الا التقرب إلى الله وملكوته الاعلى في ارشاد طالب زكى أو تهذيب خاطر نقي فان وافق ذلك نظر أبناء البحث والتدقيق فهو الذي أومأناه وان لم يوافق فمعلوم ان الحق لا يوافق عقول قوم فسدت قرائحهم بأمراض باطنية أعيت أطباء النفوس عن علاجهم حتى خوطب النبي الهادي ع بقوله تعالى انك لا تهدى من أحببت (1) لا جرم لما شرعوا في تحصيل الحكمة على غير ما ينبغي ما زادهم الا نفورا واستكبارا في الأرض حيث لم يظفروا منها بطائل ولم يصلوا إلى حاصل وفاتهم مع هذا الحرمان العظيم مكنه استعدادهم للاقتداء بالأمثال السمعية والمناهج الشرعية فصاروا راجعين (2) بخفي حنين متلبسين بالعار والشين وذلك هو الخسران العظيم والحرمان الأليم وليس للحكيم الرباني مع أمثال هؤلاء كلام وكتاب ولا مع أشباههم نداء وخطاب كما قال تعالى ولئن اتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وقال أيضا وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها وكيف يؤمنون بالغيب ويقرون به ولا استعداد لهم فان لقبول الحكمة ونور المعرفة
(٦)