وتنمية الرصيد البشري لمعرفة الطبيعة، وتوسعة حاجات الانسان ورغباته تبعا لذلك.
وأما علاقات الانسان بالانسان، التي تحددها الحقوق، والامتيازات والواجبات، فهي بطبيعتها تتوقف على وجود الانسان ضمن الجماعة. فما لم يكن الانسان كذلك، لا يقدم على جعل حقوق له وواجبات عليه. فحق الانسان في الأرض التي أحياها، وحرمانه من الكسب بدون عمل عن طريق الربا، والزامه بإشباع حاجاته.. كل هذه العلاقات لا معنى لها إلا في ظل جماعة.
والإسلام - كما نتصوره - يميز بين هذين النوعين من العلاقات. فهو يرى أن علاقات الانسان بالطبيعة أو الثروة، تتطور عبر الزمن - تبعا للمشاكل المتجددة التي يواجهها الانسان باستمرار وتتابع، خلال ممارسته للطبيعة، والحلول المتنوعة التي يتغلب بها على تلك المشاكل. وكلما تطورت علاقاته بالطبيعة ازداد سيطرة عليها، وقوة في وسائله وأساليبه (1).
وأما علاقات الانسان بأخيه، فهي ليست متطورة بطبيعتها، لأنها تعالج مشاكل ثابتة جوهريا، مهما اختلف إطارها ومظهرها. فكل جماعة تسيطر خلال علاقاتها بالطبيعة على ثروة، تواجه مشكلة توزيعها، وتحديد حقوق الأفراد والجماعة فيها، سواء كان الإنتاج لدى الجماعة على مستوى البخار والكهرباء، أم على مستوى الطاحونة اليدوية.
ولأجل ذلك يرى الإسلام: أن الصورة التشريعية التي ينظم بها تلك العلاقات، وفقا لتصوراته للعدالة.. قابلة للبقاء والثبات من الناحية النظرية لأنها تعالج مشاكل ثابتة. فالمبدأ التشريعي القائل - مثلا -: إن الحق الخاص في المصادر الطبيعية يقوم على أساس العمل. يعالج مشكلة عامة يستوي فيها عصر المحراث البسيط وعصر الآلة المعقدة، لأن طريقة توزيع المصادر الطبيعية على الأفراد، مسألة قائمة في كلا العصرين.