ولأجل أن نعرف حدود الضمان الاجتماعي، الذي تمارسه الدولة على أساس مبدأ التكافل، ونوع الحاجات التي يضمن إشباعها.. يجب أن نستعرض بعض النصوص التشريعية التي أشارت إلى مبدأ التكافل، لنحدد في ضوئها القدر الواجب من الكفالة على المسلمين، وبالتالي حدود الضمان الذي تمارسه الدولة على هذا الأساس.
فقد جاء في الحديث الصحيح عن سماعة: ((أنه سال الإمام جعفر بن محمد عن قوم عندهم فضل، وبإخوانهم حاجة شديدة، فرد الزكاة أيسعهم أن يشبعوا ويجوع اخوانهم؟. فإن الزمان شديد، فرد الإمام عليه قائلا: إن المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحرمه، فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه، والمواساة لأهل الحاجة)) (1).
وفي حديث آخر: أن الإمام جعفر قال: ((أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج اليه، وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره، أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله، ثم يؤمر به إلى النار)) (2). وواضح أن الأمر به إلى النار يدل على: أن المؤمن يجب عليه إشباع حاجة أخيه المؤمن، في حدود قدرته، لأن الشخص لا يدخل النار إذا ترك شيئا لا يجب عليه.
والحاجة في هذا الحديث وإن جاءت مطلقة ولكن المقصود منها هو الحاجة الشديدة التي ورد الحديث الأول بشأنها، لأن غير الحاجات الشديدة لا يجب على المسلمين كفالتها وضمان إشباعها إجماعا.
وينتج عن ذلك: أن الكفالة هي في حدود الحاجات الشديدة. فالمسلمون إذا كان لديهم فضل عن مؤونتهم، فلا يسعهم - على حد تعبير النص في الحديث الأول - أن يتركوا أخاهم في حاجة شديدة، بل يجب عليهم إشباع