لأن الانسان الذي يعيش هذا الاكتفاء الذاتي لا يشعر بحاجة غالبا، إلى الحصول على منتجات فرد آخر ليمارس مع ذلك الفرد لونا من ألوان التداول والتبادل. وإنما نشأ التداول في حياة الانسان نتيجة لتقسيم العمل، الذي أصبح كل فرد بموجبه يمارس فرعا خاصا من فروع الإنتاج، وينتج في ذلك الفرع كمية أكبر من حاجته ويحصل على سائر السلع التي يحتاجها من منتجي تلك السلع عن طريق التبدل، وإعطائهم حاجتهم من منتوجه لقاء الحصول على منتوجاتهم فان تنوع الحاجات وكثرتها فرض تقسيم العمل بهذا الشكل وبالتالي أدى إلى انتشار التداول ووجوده في حياة الانسان على نطاق واسع.
فمنتج الحنطة مثلا يقتصر على إنتاجها. ويسد حاجته من الصوف بحل كمية من الحنطة الفائضة عن الحاجة. إلى منتج الصوف الذي يحتاج بدوره إلى حنطة، فيدفع اليه حاجته من الحنطة ويتسلم منه مقابل ذلك الكمية التي يريدها من الصوف.
ونلاحظ في هذا الصورة: ان منتج الحنطة التقى بالمستهلك مباشرة، كما أن الراعي بوصفه منتجا للصوف اتصل في عملية التداول بالمستهلك للصوف، دون وسيط فالمستهلك - وفقا لهذه الصورة -: هو دائما منتج باعتبار آخر.
وتطور التداول بعد ذلك، فوجد الوسيط بين المنتج والمستهلك، وأصبح منتج الصوف لا يبيع الصوف مباشرة لمنتج الحنطة في مثالنا السابق بل أخذ شخص ثالث يقوم بدور الوساطة بينهما، فيشتري الكميات المنتجة من الصوف، لا لاستهلاكها في حاجته الخاصة، لإعدادها وجعلها في متناول أيدي المستهلكين. فبدلا عن أن يتصل منتج الحنطة بمنتج الصوف ابتداء، أصبح يلتقي بهذا الوسيط الذي أعد الصوف في السوق وهيأه للبيع، ويتفق معه على الشراء. ومن هنا نشأت عمليات التجارة، وأصبح الوسيط يوفر كثيرا من الوقت والجهد على المنتجين والمستهلكين.
وفي هذا الضوء نعرف: ان التداول أو نقل الملكية في كلا الدورين - دور التقاء