وثالثا: إن الإنتاج إذا ارتفع مستواه، وازدادت وسائله وإمكاناته.. نمت سيطرة الانسان على الطبيعة، وأصبح، بإمكان الفرد المجهز بقوى الإنتاج أن يمارس نشاطه في نطاق أوسع من المجالات التي كانت تتاح له قبل نمو الإنتاج وارتفاع مستواه (1).
وتعلية على هذه النقاط نعرف: إن تطور الإنتاج ونمو قواه، يتيح للانسان أكثر فأكثر استغلال القواعد العامة للتوزيع في مرحلة التطبيق، خلال عمليات الإنتاج التي يمارسها. وقد يبلغ هذا الاستغلال إلى درجة تشكل خطرا على التوازن العام، ومثل العدالة الاجتماعية في الإسلام.
ولنأخذ مثالا على ذلك من إحياء الأرض: فان الانسان في عصور العمل اليدوي، لم يكن يستطيع أن يحيي مساحات شاسعة من الأرض، لأن النظرية لا تأذن له باستخدام الأجراء في هذا السبيل، وهو لا يمكنه بأدوات عصر ما قبل الآلة ان يباشر الاحياء إلا في حدود خاصة، ولهذا لم يكن قي مقدوره أن يسيء استغلال القواعد العامة للتوزيع في مرحلة التطبيق ولا أن يمتلك مساحات خطيرة من الأرض، وفقا للقاعدة التي تمنح المحيي حقا في الأرض التي أحياها. ولكن عصر الآلة يمد الفرد بالقدرة على إحياء تلك المساحات الخطيرة، وإساءة استغلال القواعد العامة للتوزيع في مرحلة التطبيق، فلا بد في هذه الحالة، توجيه التطبيق الوجهة التي تتفق مع مثل العدالة الاجتماعية في الإسلام.
ومن هنا نشأت الصلة المذهبية في الإسلام، بين الإنتاج والتوزيع، ومردها في الحقيقة على فكرة التطبيق الموجه، التي تحدد الإنتاج، بوصفه عملية تطبق لقواعد التوزيع، تحديدا يضمن عدالة التوزيع واتساقه مع مثل الإسلام وأهدافه.
وقد جسد الإسلام فكرة التطبيق الموجه التي تحدد الإنتاج لحساب التوزيع، في إعطاء ولي الأمر الحق في التدخل للحد من تطبيق القاعدة والمنع عن الأعمال التي تؤدي إلى استغلال قواعد التوزيع استغلالا سيئا، ففي مثال الأرض الذي قدمناه، يملك ولي الأمر الحق في منع الفرد من ممارسة الاحياء، إلا في حدود تعيين وفقا