العمل وما يسفر عنه الإنتاج من مكاسب أو خسائر. واما إذا اقترح العامل أن يشارك صاحب المال في الناتج والأرباح بنسبة مئوية بأمل الحصول عن هذا الطريق على مكافأة أكبر، فقد ربط مصيره بالعملية التي يمارسها، وفقد بذلك الضمان، إذ من المحتمل أن لا يحصل على شيء إذا لم يوجد ربح، ولكنه في مقابل تنازله عن الضمان يفوز بمكافأة منفتحة، غير محددة تفوق الاجر المحدد في أكثر الأحيان، لأن الربح أو الناتج كمية قد تزيد وقد تنقص، فتعيين المكافأة على العمل في الربح أو الناتج بنسبة مئوية يعني تبعيتها في الزيادة والنقصان. فلكل من الأسلوبين مزيته الخاصة.
وقد نظم الإسلام الأسلوب الأول - الاجر - بتشريع احكام الإجارة، كما رأينا في الفقرة الأولى. ونظم الأسلوب الثاني - المشاركة في الربح أو الناتج - بتشريع أحكام المزارعة والمساقاة والمضاربة والجعالة، كما مر في الفقرات 3 و 5 و 8 و 6، ففي عقد المزارعة يمكن للعامل أن يتفق مع صاحب الأرض والبذر على استخدام الأرض في زراعة ذلك البذر، ومقاسمة الناتج بينهما. وفي عقد المساقاة يمكن للعامل أن يعقد مع صاحب الأشجار عقدا يتعهد فيه بسقيها في مقابل منحه نسبة مئوية في الثمرة. وفي عقد المضاربة يسمح للعامل بأن يتجر لصاحب المال ببضاعته على أن يقاسمه أرباح تلك البضاعة. وفي الجعالة يجوز لتاجر الأخشاب مثلا أن يعلن استعداده لمنح أي شخص يصنع سريرا من تلك الأخشاب نصف قيمة السرير، فتصبح مكافأة العامل بموجب ذلك مرتبطة بمصير العملية التي يمارسها.
وفي كلا الأسلوبين لتحديد مكافأة العامل لا يجوز لصاحب المال أن يضع عليه شيئا من الخسارة، بل يتحمل صاحب المال الخسارة كلها، وحسب العامل من الخسارة إذا ارتبط معه على أساس المضاربة أن تضيع جهوده سدى.
وأما أدوات الإنتاج - أي الأشياء والآلات التي تستخدم خلال العملية، كالمغزل والمحراث مثلا إذ يستعملان في غزل الصوف وحرث الأرض - فمكافأتها تنحصر شرعا في أسلوب واحد وهو الاجر، فإذا أردت أن تستخدم محراثا يملكه غيرك أو