ورعايتها، وفقا لمتطلبات الخلافة.. تنتزع منه، ويسقط حقه فيها، وتعطى لآخر.
وقد تردد كثير في الأخذ بهذه النصوص، لأنها تهدر حرمة الملكية المقدسة. ومن الواضح أن هؤلاء المترددين، لو كانوا ينظرون إلى تلك النصوص بمنظار المفهوم الإسلامي عن الملكية.. لما صعب عليهم الأخذ بها، والتجاوب مع فكرتها وروحها.
وبهذا عرف: أن المفاهيم الإسلامية في الحقل الاقتصادي قد تشكل إطارا فكريا، يكون من الضروري اتخاذه لتتبلور ضمنه النصوص التشريعية في الإسلام تبلورا كاملا، ويتيسر فهمهما دون تردد.
ونحن نجد بعض تلك النصوص التشريعية قد لاحظت هذا المعنى بوضوح، فأعطت المفهوم أو الإطار تمهيدا لإعطاء الحكم الشرعي فقد جاء في الحديث بشأن الأرض وملكية الانسان لها: ((إن الأرض لله تعالى، جعلها وقفا على عباده، فمن عطل أرضا ثلاث سنين متوالية لغير ما علة أخذت من يده، ودفعت إلى غيره)) (1). فنحن نرى أن الحديث قد استعان بمفهوم معين عن ملكية الأرض، ودور الفرد فيها، على توضيح الحكم بانتزاع الأرض من مالكها وتبرير ذلك.
وبعض المفاهيم الإسلامية يقوم بانشاء قاعدة يرتكز على أساسها ملء الفراغ الذي أعطى لولي الأمر حق ملئه.
فالمفهوم الإسلامي عن التداول مثلا الذي عرضناه سابقا، يصح أن يكون أساسيا لاستعمال الدولة صلاحياتها في مجالات تنظيم التداول، فتمنع - في حدود الصلاحيات - كل محاولة من شأنها الابتعاد بالتداول عن الإنتاج، وجعله عملية لإطالة الطريق بين المستهلك والسلعة المنتجة، بدلا عن أن يكون عملية إعداد للسلعة وإيصال لها إلى يد المستهلك.
فالمفاهيم الإسلامية تقوم إذن بدور الاشعاع على النصوص التشريعية العامة، أو بدور تموين الدولة بنوعية التشريعات الاقتصادية التي يجب أن تملأ بها منطقة الفراغ.