قبل أن يصل إلى المرحلة التي يسود فيها العقل والتأمل تعبير عن مفهوم إسلامي عن المجتمع (1). والعقيدة بأن الملكية ليست حقا ذاتيا، وإنما هي عملية استخلاف تعكس التصور الإسلامي الخاص لتشريع معين، وهو الملكية للمال، فان المال في المفهوم الإسلامي كله مال الله والله يستخلف الأفراد أحيانا للقيام بشأن المال، ويعبر عن هذا الاستخلاف تشريعيا بالملكية.
فالمفاهيم إذن وجهات نظر، وتصورات إسلامية في تفسير الكون وظواهره، أو المجتمع وعلاقاته، أو أي حكم من الأحكام المتشرعة، وهي لذلك لا تشتمل على أحكام بصورة مباشرة. ولكن قسما منها بالرغم من ذلك ينفعنا في محاولتنا للتعرف على المذهب الاقتصادي في الإسلام، وهو ذلك القسم من المفاهيم الإسلامية الذي يتصل بالحياة الاقتصادية وظواهرها، أو بأحكام الإسلام المتشرعة فيها.
ولكي نوضح بشكل عام الدور الذي يمكن أن يؤديه هذا القسم من المفاهيم، في سبيل تحديد معالم المذهب الاقتصادي في الإسلام، يجب أن نتعجل النتائج التي سوف يسجلها بعض البحوث الآتية، وأن نستعير من تلك البحوث مفهومين إسلاميين، دخلا في عملية اكتشاف المذهب التي يمارسها هذا الكتاب.
وأحد هذين المفهومين هو: مفهوم الإسلام عن الملكية القائل بأن الله تعالى استخلف الجماعة على المال والثروة في الطبيعة، وجعل من تشريع الملكية الخاصة أسلوبا يحقق ضمنه الفرد متطلبات الخلافة، من استثمار المال وحمايته، وإنفاقه في مصلحة الإنسان فالملكية عملية يمارسها الفرد لحساب الجماعة، ولحسابه ضمن الجماعة.
والمفهوم الآخر الذي نستعيره من البحوث المقبلة هو: رأي الإسلام في التداول بوصفه ظاهرة مهمة من ظواهر الحياة الاقتصادية، فإنه يرى: أن التداول بطبيعته