: أن نصيب العمال من الثروة المنتجة، الذي يتمثل فيها يتقاضونه من أجور، لا يزيد بحال من الأحوال عن القدر الذي يتمثل فيما يتقاضونه من أجور، لا يزيد بحال من الأحوال عن القدر الذي يتيح لهم معيشة الكفاف.. لم يكن يقصد بذلك أن يقرر شيئا مذهبيا ولا أن يطلب من الحكومات فرضه نظاما اقتصاديا للأجور، كنظام الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية، وإنما كان يحاول أن يشرح الواقع الذي يعيشه العمال والنتيجة الحتمية لهذا الواقع، بالرغم من عدم تبني الدولة لفرض حد أعلى من الأجور، وإيمانها بالحرية الاقتصادية بوصفها دولة رأسمالية.
فالمذهب والعلم يدخلان في كل تلك المجالات ويدرسان الإنتاج والتوزيع معا، ولكن هذا يجب أن لا يؤدي بنا إلى عدم التمييز بينهما أو الخلط بين الطابع العلمي والمذهبي في البحث الاقتصادي، الأمر الذي مني به بعض أولئك الذين يؤكدون على عدم وجود اقتصاد في الإسلام، إذ لم يتح لهم أن يميزوا بشكل حاسم بين العلم والمذهب، فظنوا أن القول بوجود اقتصاد إسلامي يستهدف ادعاء أن الإسلام سبق المفكرين الغربيين في الإبداع العلمي للاقتصاد السياسي، وظنوا أيضا أن القول بوجود اقتصاد إسلامي يعني أننا سوف نجد لدى الإسلام فكرا اقتصاديا، وبحثا علميا في قوانين الحياة الاقتصادية من إنتاج وتوزيع وغيرهما، نظير ما نجد في بحوث (آدم سميت) و (ريكاردو) ومن إليهما من أقطاب الاقتصاد السياسي، ولما كنا لا نجد في الإسلام بحوثا من هذا القبيل، فليس الاقتصاد الإسلامي إلا أسطورة وخيالا مجنحا.
ويمكن لهؤلاء أن يتنازلوا عن تأكيدهم على عدم وجود اقتصاد إسلامي إذا عرفوا بوضوح، الفرق بين المذهب الاقتصادي وعلم الإقتصاد أو ما يسمى بالاقتصاد السياسي، وعرفوا: أن الاقتصاد الإسلامي مذهب وليس علما.
فالمذهب الاقتصادي يشمل كل قاعدة أساسية في الحياة الاقتصادية، تتصل بفكرة: (العدالة الاجتماعية).
والعلم يشمل كل نظرية تفسر واقعا من الحياة الاقتصادية، بصورة منفصلة عن فكرة مسبقة أو مثل أعلى للعدالة.