التوفيق بين شكل الإنتاج وعلاقات التوزيع.
وأما الإسلام فهو لا يعتقد مع الرأسمالية: أن المشكلة مشكلة الطبيعة وقلة مواردها، لأنه يرى أن الطبيعة قادرة على ضمان كل حاجات الحياة، التي يؤدي عدم إشباعها إلى مشكلة حقيقية في حياة الانسان.
كما لا يرى الإسلام أيضا: أن المشكلة هي التناقض بين شكل الإنتاج وعلاقات التوزيع، كما تقرر الماركسية.. وإنما المشكلة - قبل كل شيء: مشكلة الإنسان نفسه، لا الطبيعة، ولا أشكال الإنتاج (1).
وهذا ما يقرره الإسلام في الفقرات القرآنية التالية:
{الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار، وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} (2).
فهذه الفقرات الكريمة تقرر بوضوح: أن الله تعالى قد حشد للانسان في هذا الكون الفسيح كل مصالحه ومنافعه، ووفر له الموارد الكافية لإمداده بحياته وحاجاته المادية.. ولكن الانسان هو الذي ضيع على نفسه هذه الفرصة التي منحها الله له، بظلمه وكفرانه (إن الانسان لظلوم كفار). فظلم الانسان في حياته العلمية وكفرانه بالنعمة الإلهية، هما السببان الأساسيان للمشكلة الاقتصادية في حياة الانسان.
ويتجسد ظلم الانسان على الصعيد الاقتصادي: في سوء التوزيع. ويتجسد كفرانه للنعمة: في إهماله لاستثمار الطبيعة وموقفه السلبي منها.
فحين يمحي الظلم من العلاقات الاجتماعية للتوزيع، وتجند طاقات الانسان للاستفادة من الطبيعة واستثمارها. تزول المشكلة الحقيقية على الصعيد الاقتصادي.
وقد كفل الإسلام محو الظلم بما قدمه من حلول لمسائل التوزيع والتداول.
(1) لاحظ الوسائل ج 11، ص 521، والميزان ج 13، ص 62.
(1) إبراهيم / 32 - 34.