طريقة الاندماج به، مركبا جديدا، أكثر اغتناء وثراء، من العلة والمعلول منفردين. فهذا هو ما تعنيه الماركسية بالعلة والمعلول، لأن يتفق مع الديالكتيك، ويعبر عن الثالوث الديالكتيكي: ((الأطروحة، والطباق، والتركيب)) (1). فالعلة هي الأطروحة، والمعلول هو الطباق، والمجموع المترابط منهما هو التركيب. والعلية هنا عملية نمو وتكامل، عن طريق ولادة المعلول من العلة، أي الطباق من الأطروحة. والمعلول في هذه العملية لا يولد سلبيا، بل يولد مزودا بتناقضاته الداخلية، التي تنميه وتجعله يحتضن علته إليه، في مركب أرقى وأكمل.
وقد استعملت الماركسية علاقات العلة والمعلول، بمفهومها الديالكتيكي هذا في المجال التاريخي. فلم تشذ بصورة عامة عن الطريقة الديالكتيكية التي تتبناها، وإنما فسرت المجتمع على أساس أن له قاعدة، تقوم عليها ظواهر فوقية، تنشأ عن تلك القاعدة، وتنمو وتتفاعل مع القاعدة وتنتج عن التأثير المتبادل، مراحل التطور الاجتماعي، طبقا لقصة الأطروحة والطباق والتركيب (الإثبات، والنفي، ونفي النفي).
وينطبق هذا الوصف على الماركسية، إذا استثنينا بعض الحالات، التي سجلت فيها الماركسية فشلها في تفسير الحدث التاريخي، بالطريقة الديالكتيكية فاضطرت إلى تفسير التطور الاجتماعي، والأحداث التاريخية، في تلك الحالات، تفسيرا ميكانيكيا، وإن لم تسمح لنفسها بالاعتراف بهذا الفشل. فلقد كتب أنجلز يقول:
((كان في إمكان المجتمعات البدائية القديمة، التي ذكرناها آنفا، أن تظل باقية في الوجود لعدة آلاف من السنين، كما هي الحال في الهند وبين السلفيين إلى يومنا هذا قبل أن يؤدي تعاملها مع العالم الخارجي، إلى أن تنشأ في أوساطها اللا مساواة في الملكية، التي ينجم عنها شروع هذه المجتمعات في التفكك)) (2).