الزمن، وفيها جوانب تستجد وتتطور طبقا للظروف والأحوال. فهذا الثبات الذي نجده في تركيب الانسان العضوي وقواه العامة، وما أودع فيه من أجهزة للتغذية والتوليد وإمكانات للادراك والاحساس، يعني حتما اشتراك الانسانية كلها في خصائص وحاجات وصفات عامة، الأمر الذي اشتراك الانسانية كلها في خصائص وحاجات وصفات عامة، الأمر الذي جعلها أمة واحدة في خطاب الله لأنبيائه: (إن هذا أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاعبدون) (1). ومن ناحية أخرى نجد أن عددا كبيرا من الحاجات يدخل في نطاق الحياة الانسانية بالتدريج، وينمو من خلال تجارب الحياة وزيادة الخبرة بملابساتها، وخصائصها. فالحاجات الرئيسية ثابتة إذن، والحاجات الثانوية تستجد وتتطور وفقا لنمو الخبرة بالحياة وتعقداتها.
وإذا عرفنا إلى جانب ذلك: أن الحياة الاجتماعية نابعة من الحاجات الانسانية، وان النظام الاجتماعي هو الشكل الذي ينظم الحياة الاجتماعية وفقا لتلك الحاجات كما سبق.. إذا عرفنا ذلك كله، خرجنا بنتيجة وهي: أن النظام الاجتماعي الصالح للانسانية ليس من الضروري لكي يواكب نمو الحياة الاجتماعية - أن يتطور ويتغير بصورة عامة، كما أنه ليس من المعقول أن يصوغ كليات الحياة وتفاصيلها في صيغ ثابتة، بل يجب أن يكون في النظام الاجتماعي جانب رئيسي ثابت، وجوانب مفتوحة للتطور والتغيير، ما دام الأساس للحياة الاجتماعية (الحاجات الانسانية) يحتوي على جوانب ثابتة وجوانب متغيرة فتنعكس كل من جوانبه الثابتة والمتطورة في النظام الاجتماعي الصالح (2).
وهذا هو الواقع في النظام الاجتماعي للإسلام تماما، فهو يشتمل على جانب رئيسي ثابت يتصل بمعالجة الحاجات الأساسية الثابتة في حياة الانسان كحاجته إلى الضمان المعيشي والتوالد والأمن، وما إليها من الحاجات التي عولجت في أحكام توزيع الثروة، وأحكام الزواج والطلاق، وأحكام الحدود والقصاص، ونحوها من الأحكام المقررة في الكتاب والسنة.