واستثارة العواطف فحسب، وإنما يسنده بضمان تشريعي، يجعله ضروري التحقيق على كل حال.
والصفة الثانية للاقتصاد الإسلامي، وهي الصفة الأخلاقية، تعني - من ناحية الغاية: أن الإسلام لا يستمد غاياته التي يسعى إلى تحقيقها في حياة المجتمع الاقتصادية، من ظروف مادية وشروط طبيعية مستقلة عن الإنسان نفسه، كما تستوحي الماركسية غايتها من وضع القوى المنتجة وظروفها.. وإنما ينظر إلى تلك الغايات، بوصفها معبرة عن قيم عملية ضرورية التحقيق من ناحية خلقية. فحين يقرر ضمان حياة العامل مثلا، لا يؤمن بأن هذا الضمان الاجتماعي الذي وضعه، نابع من الظروف المادية للإنتاج مثلا، وإنما يعتبره ممثلا لقيمة عملية يجب تحقيقها، كما سندرس ذلك بصورة مفصلة خلال بحوث هذا الفصل.
وتعني الصفة الخلقية - من ناحية الطريقة: أن الإسلام يهتم بالعامل النفسي، خلال الطريقة التي يضعها لتحقيق أهدافه وغاياته. فهو في الطريقة التي يضعها لذلك، لا يهتم بالجانب الموضوعي فحسب - وهو أن تحقق تلك الغايات - وإنما يعنى بوجه خاص بمزج العامل النفسي والذاتي بالطريقة التي تحقق تلك الغايات. فقد يؤخذ من الغنى مال لإشباع الفقير مثلا، ويتأتى بذلك للفقير أن يشبع حاجاته، وتوجد بذلك الغاية الموضوعية التي يتوخاها الاقتصاد الإسلامي، من وراء مبدأ التكافل. ولكن هذا ليس هو كل المسألة في حساب الإسلام، بل هناك الطريقة التي تم بها تحقيق ضريبة من الأغنياء لكفالة الفقراء. وهذا وإن كفى في - تحقيق الجانب الموضوعي من المسألة، أي إشباع الفقير... ولكن الإسلام لا يقر ذلك، ما دامت طريقة تحقيق التكافل مجردة عن الدافع الخلقي، والعامل الخير في نفس الغني. ولأجل ذلك تدخل الإسلام، وجعل من الفرائض المالية - التي استهدف منها إيجاد التكافل - عبادات شرعية، يجب أن تنبع عن دافع نفسي نير، يدفع الانسان إلى المساهمة في تحقيق غايات الاقتصاد الإسلامي، بشكل واع مقصود، طلبا بذلك رضا الله تعلى والقرب منه.