ولا غرو أن يكون للإسلام هذا الاهتمام بالعامل النفسي، وهذا الحرص على تكوينه روحيا وفكريا، طبقا لغاياته ومفاهيمه، فإن لطبيعة العوامل الذاتية التي تعتلج في نفس الانسان، أثرها الكبير في تكوين شخصية الانسان، وتحديد محتواه الروحي، كما أن للعامل الذاتي أثره الكبير على الحياة الاجتماعية ومشاكلها وحلولها. وقد بات من الواضح لدى الجميع اليوم: أن العامل النفسي يلعب دورا رئيسيا في المجال الاقتصادي، فهو يؤثر في حدوث الأزمات الدورية، التي يضج من ويلاتها الاقتصاد الأوروبي. ويؤثر أيضا على منحني العرض والطلب، وفي الكفاية الإنتاجية للعامل إلى غير ذلك من عناصر الاقتصاد.
فالإسلام إذن لا يقتصر - في مذهبه وتعاليمه - على تنظيم الوجه الخارجي للمجتمع، وإنما ينفذ إلى أعماقه الروحية والفكرية، ليوفق بين المحتوى الداخلي، وما يرسمه من مخطط اقتصادي واجتماعي. ولا يكتفي في طريقته أن يتخذ أي أسلوب يكفل تحقيق غاياته، وإنما يمزج هذا الأسلوب بالعامل النفسي والدافع الذاتي الذي ينسجم مع تلك الغايات ومفاهيمها.