شعورا خاصا تجاه ذلك الواقع، ويحدد اتجاهه العاطفي نحوه. فالعواطف الإسلامية وليدة المفاهيم الإسلامية، والمفاهيم الإسلامية بدورها موضوعية في ضوء العقيدة الإسلامية الأساسية، ولنأخذ لذلك مثلا من التقوى. ففي ظل عقيدة التوحيد ينشأ المفهوم الإسلامي عن التقوى، القائل: إن التقوى هي ميزان الكرمة والتفاضل بين أفراد الإنسان، وتتولد عن هذا المفهوم عاطفة إسلامية بالنسبة إلى التقوى والمتقين، وهي عاطفة الإجلال والاحترام.
فهذه هي العناصر الثلاثة: العقيدة، والمفاهيم، والعواطف، التي تشترك في تكوين التربة الصالحة للمجتمع (1).
ثم يأتي - بعد التربة - دور الصيغة الإسلامية العامة للحياة، كلا لا يتجزأ، يمتد إلى مختلف شعب الحياة. وعندما يستكمل المجتمع الإسلامي ربته وصيغته العامة، عندئذ فقط نستطيع أن نترقب من الاقتصاد الإسلامي أن يقوم برسالته الفذة في الحياة الاقتصادية، وأن يضمن للمجتمع أسباب السعادة والرفاه، وأن نقطف منه أعظم الثمار. وأما أن ننتظر من الرسالة الإسلامية الكبرى، أن تحقق كل أهدافها من جانب معين من جوانب الحياة، إذا طبقت في ذلك الجانب بصورة منفصلة عن سائر شعب الحياة الأخرى.. فهذا خطأ. لأن الارتباط القائم في التصميم الإسلامي الجبار للمجتمع، بين كل جانب منه وجوانبه الأخرى، يجعل شأنه شأن خريطة يضعها أبرع المهندسين لإنشاء عمارة رائعة، فليس في إمكان هذه الخريطة أن تعكس الجمال والروعة - كما أراد المهندس - إلا إذا طبقت بكاملها، وأما إذا أخذنا بها في بناء جزء من العمارة فقط، فليس من حقنا أن نترقب من هذا الجزء أن يكون كما أراد المهندس، في تصميمه للخريطة كلها. وكذلك التصميم الإسلامي، فإن الإسلام إشترع نهجه الخاص به، وجعل منه الأداة الكاملة لاسعاد البشرية، على أن يطبق هذا النهج الإسلامي العظيم في بيئة إسلامية، قد صبغت على أساس الإسلام في وجودها وأفكارها وكيانها كله وان