ولكن إذا كانت كل الأوضاع الاجتماعية، تنشأ وفقا للوضع الاقتصادي وبتعبير آخر: تنشأ وفقا لعلاقات الملكية (علاقات الإنتاج)، فمن الضروري أن نتساءل عن علاقات الإنتاج هذه كيف تنشأ؟ وما هو السبب الذي يكون ويكيف الوضع الاقتصادي للمجتمع؟.
وتجيب المادية التاريخية على ذلك: أن علاقات الإنتاج (علاقات الملكية)، تتكون في المجتمع بصورة ضرورية، وفقا لشكل الإنتاج، والدرجة المعينة التي تعيشها القوى المنتجة. فلكل درجة من نمو هذه القوى، علاقات ملكية ووضع اقتصادي، يطابق تلك الدرجة من نمو هذه القوى، علاقات ملكية ووضع اقتصادي، يطابق تلك الدرجة من تطورها. فالقوى المنتجة هي التي تنشئ الوضع الاقتصادي، الذي تتطلبه وتفرضه على المجتمع ويتولد عن الوضع الاقتصادي، وعلاقات الملكية عندئذ، جميع الأوضاع الاجتماعية، التي تطابق ذلك الوضع الاقتصادي وتتفق معه.
ويستمر الوجود الاجتماعي على هذه الحال، حتى تبلغ قوى المجتمع المنتجة درجة جديدة من النمو والتطور فتدخل في تناقض مع الوضع الاقتصادي القائم لأن هذا الوضع، إنما كان نتيجة للمرحلة أو الدرجة، التي تخطتها قوى الإنتاج إلى مرحلة جديدة، تتطلب وضعا اقتصاديا جديدا، وعلاقات ملكية من نمط آخر، بعد أن أصبح الوضع الاقتصادي السابق، معيقا لها عن النمو. وهكذا يبدأ الصراع بين القوى المنتجة لوسائل الإنتاج، في مرحلتها الجديدة من ناحية، وعلاقات الملكية والأوضاع الاقتصادية، التي خلفتها المرحلة السابقة لقوى الإنتاج من ناحية أخرى.
وهنا يأتي دور الطبقية في المادية التاريخية. فإن الصراع بين القوى المنتجة النامية، وعلاقات الملكية القائمة، ينعكس على الصعيد الاجتماعي دائما، في الصراع بين طبقتين: إحداهما: الطبقة الاجتماعية، التي تتفق مصالحها مع نمو القوى المنتجة، ومستلزماته الاجتماعية. والأخرى الطبقة الاجتماعية، التي تتفق مصالحها مع علاقات الملكية القائمة، وتتعارض منافعها مع متطلبات المد التطوري للقوى المنتجة. ففي المرحلة التاريخية الحاضرة - مثلا - يقوم التناقض بين نمو القوى المنتجة، والعلاقات الرأسمالية في المجتمع. ويشب الصراع تبعا لذلك، بين الطبقة العاملة، التي