وأخيرا فإن موقف الرأسمالية من الحرية والضمان، لئن كان خطأ فهو مع هذا ينسجم مع الإطار العام للتفكير الرأسمالي كل الانسجام. لأن الضمان ينطوي على فكرة تحديد حريات الأفراد والضغط عليها، ولا تستطيع الرأسمالية أن تجد لهذا الضغط والتحديد مسوغا، على أساس مفاهيمها العامة عن الكون والانسان.
وذلك أن الضغط والتحديد، قد يستمد مبرره من الضرورة التاريخية، كما تعتقد الماركسية في ضوء المادية التاريخية، إذ ترى أن دكتاتورية البروليتاريا، التي تمارس سياسية الضغط والتحديد من الحريات في المجتمع ولكن الرأسمالية لا تؤمن بالمادية التاريخية، بتسلسلها الماركسي الخاص.
وقد يستمد الضغط والتحديد مبرره من الإيمان بسلطة عليا، تمتلك حق تنظيم الإنسانية وتوجيهها في حياتها، ووضع الضمانات المحددة لحريات الأفراد، كما يعتقد الدين، إذ يرى أن للإنسان خالقا حكيما من حقه أن يصنع له وجوده الاجتماعي، ويجد طريقته في الحياة.
وهذا ما لا يمكن للرأسمالية أن تقره، في ضوء مفهومها الأساسي القائل: بفصل الدين عن واقع الحياة، وسحبه من كل الحقول الاجتماعية العامة.
وقد يبرر الضغط والتحديد، بوصفه قوة نابعة من داخل الإنسان، ومفروضة عليه من ضميره الذي يفرض عليه قيما خلقية، وحدودا معينة لسلوكه مع الآخرين وموقفه من المجتمع.. ولكن الضمير ليس بمفهومه في فلسفة الأخلاق عند الرأسمالية، إلا انعكاسا داخليا للعرف أو العادات، أو أي تحديد آخر يفرض على الفرد من الخارج. فالضمير في نهاية التحليل ضغط خارجي، وليس نابعا من الأعماق الداخلية.
وهكذا تنتهي الرأسمالية إلى العجز عن تفسير الضغط على الحرية، عن طريق الضرورة التاريخية، أو الدين، أو الضمير.
وهكذا تنتهي الرأسمالية إلى العجز عن تفسير الضغط على الحرية، عن طريق الضرورة التاريخية، أو الدين، أو الضمير.
وهكذا يرتبط موقفها من الحرية بجذورها الفكرية، ومفاهيمها الرئيسية عن