ورؤوس الأموال، لأن الشكل الاشتراكي للملكية ليس هو القاعدة العامة في رأيه. وكذلك من الخطأ أيضا أن يعتبر مزاجا مركبا من هذا وذاك، لأن تنوع الأشكال الرئيسية للملكية في المجتمع الإسلامي، لا يعني أن الإسلام مزج بين المذهبين: الرأسمالي والاشتراكي، وأخذ من كل منهما جانبا.. وإنما يعبر ذلك التنوع في أشكال الملكية عن: تصميم مذهبي أصيل قائم على أسس وقواعد فكرية معينة، وموضوع ضمن إطار خاص من القيم والمفاهيم، تناقض الأسس والقواعد والقيم والمفاهيم التي قامت عليها الرأسمالية الحرة، والاشتراكية الماركسية.
وليس هناك أدل على صحة الموقف الإسلامي من الملكية، القائم على أساس مبدأ الملكية المزدوجة. من واقع التجربتين الرأسمالية والاشتراكية. فإن كلتا التجربتين اضطرنا إلى الاعتراف بالشكل الآخر للملكية، الذي يتعارض مع القاعدة العامة فيهما، لأن الواقع برهن على خطأ الفكرة القائلة بالشكل الواحد للملكية. فقد بدأ المجتمع الرأسمالي منذ أمد طويل يأخذ بفكرة التأميم، وينزع عن بعض المرافق إطار الملكية الخاصة. وليست حركة التأميم هذه إلا اعترافا ضمنيا من المجتمعات الرأسمالية: بعدم جدارة المبدأ الرأسمالي في الملكية، ومحاولة لمعالجة ما نجم عن ذلك المبدأ من مضاعفات وتناقضات.
كما أن المجتمع الاشتراكي من الناحية الأخرى، وجد نفسه - بالرغم من حداثته - مضطرا أيضا إلى الاعتراف بالملكية الخاصة، قانونيا حينا وبشكل غير قانوني أحيانا أخرى. فمن اعترافه القانوني بذلك، ما تضمنته المادة السابعة في الدستور السوفياتي، من النص على أن لكل عائلة من عوائل المزرعة التعاونية، بالإضافة إلى دخلها الأساسي الذي يأتيها من اقتصاد المزرعة التعاونية المشترك قطعة من الأرض خاصة بها، وملحقة بمحل السكن، ولها في الأرض اقتصاد إضافي ومنزل للسكنى وماشية منتجة وطيور وأدوات زراعية بسيطة.. كملكية الخاصة. وكذلك سمحت المادة التاسعة بتملك الفلاحين الفرديين والحرفيين، لمشاريع اقتصادية صغيرة، وقيام هذه الملكيات الصغيرة إلى جانب النظام الاشتراكي السائد.