الإرادة الإنسانية - كقانون التحديد الكلي القائل: إن كل إنتاج كان يتوقف على الأرض وما تشتمل عليه من مواد أولية، محدود طبقا للكمية المحدودة للأرض وموادها الأولية. أو قانون الغلة المتزايدة، القائل: إن كل زيادة في الإنتاج تعوض على المنتج تعويضا أكبر نسبيا مما زاده في الإنفاق، حتى تبلغ الزيادة إلى درجة خاصة، فتخضع عندئذ لقانون معاكس، وهو قانون الغلة المتناقصة، الذي ينص على أن زيادة الغلة تبدأ بالتناقص النسبي عند درجة معينة.
وهذه القوانين لا تختلف في طبيعتها وجانبها الموضوعي عن سائر القوانين الكونية التي تكشف عنها العلوم الطبيعية، ولذلك فهي لا تحمل شيئا من الطابع المذهبي، ولا تتوقف على ظروف اجتماعية أو فكرية معينة، بل لا تختلف في شأنها أبعاد الزمان والمكان، ما دامت الطبيعة التي يتعلق بها الإنتاج هي الطبيعة في كل زمان ومكان.
والفئة الأخرى: من القوانين العلمية للاقتصاد السياسي، تحتوي على قوانين للحياة الاقتصادية ذات صلة بإرادة الإنسان نفسه، نظرا إلى أن الحياة الاقتصادية ليست إلا مظهرا من مظاهر الحياة الانسانية العامة، التي تلعب فيها الإرادة دورا إيجابيا فعالا، في مختلف شعبها ومناحيها. فقانون العرض والطلب مثلا - القائل: إن الطلب على سلعة إذا زاد، ولم يكن في المقدور زيادة الكميات المعروضة استجابة للزيادة في الطلب، فإن ثمن السلعة لابد وأن يرتفع - ليس قانونا موضوعيا، يعمل بصورة منفصلة عن وعي الانسان كما تعمل قوانين الفيزياء والفلك، وكما تعمل القوانين الطبيعية في الإنتاج التي عرضناها في الفئة الأولى.. وإنما يمثل قانون العرض والطلب ظواهر الحياة الواعية للانسان. فهو يوضح أن المشتري سيقدم - في الحالة التي ينص عليها القانون الآنف الذكر - على شراء السلعة بثمن أكبر من ثمنها في حالة مساواة الطلب للعرض. وإن البائع سيمتنع في تلك الحالة عن البيع إلا بذلك الثمن.
وتدخل الإرادة الإنسانية في مجرى الحياة الاقتصادية، لا يعني إبعاد الحياة الاقتصادية عن مجال القوانين العلمية، واستحالة البحث العلمي فيها، إذ اعتقدوا: أن طابع الحتمية