لا ترد به الشهادة، بل بالجلد وبعد الجلد لا يقبل شهادته (1)، وإن تاب.
وقد خالف قوله تعالى: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون " (2)، علق على القذف الجلد ورد الشهادة، ولم يعلق رد الشهادة على الجلد بل عطفها عليه، ثم قال: " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " (3) والاستثناء يرجع إلى الجمل المعطوف بعضها إلى بعض، لاتحادها في الحكم، ولأنه تعالى قال: " وأصلحوا "، شرط مع التوبة إصلاح العمل، فلا يكون الاستثناء عائدا إلى الفسق الأقرب لزواله بمجرد التوبة، وإصلاح العمل إنما يشترط في قبول الشهادة، فوجب عود الاستثناء إليه، لأن النبي صلى الله عليه وآله قال قوله تعالى: " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " (4). توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته، وهو نص، لأن المانع من قبول الشهادة الفسق إذ الوثوق بصدقه إنما يحصل بعدمه، فلا معنى لرد الشهادة بعد عدمه.
وقال أبو حنيفة: لو شهد عند الحاكم عدلان، فعميا قبل الحكم بشهادتهما لم يثبت الحكم، سواء كان المشهود به مما يحتاج إلى المشاهدة أو لا (5).
وقد خالف قوله تعالى: " وأشهدوا ذوي عدل منكم " (6)، وغيره من النصوص.
وقال أبو حنيفة: يقبل شهادة أهل الذمة على أمثالهم، وإن اختلفت مللهم كاليهود على النصارى (7).