وخالفت الأشاعرة المعقول والمنقول في ذلك، وقالوا: إن التكاليف بأجمعها تكليف بالمحال، وبما لا يطاق (1)، لأن كل ثابت في الواقع سواء كان طاعة، أو معصية، أو شركا، أو ضلالا، إلى غير ذلك، فإنه من فعله تعالى، ولا يمكن اجتماع القادرين على الفعل الواحد، مع أنه تعالى كلف العبد، فيكون مكلفا بفعل نفسه، وهو محال، فيكون قد كلف المحال.
وهل يرضى عاقل لنفسه اختيار ذلك، والمصير إليه، فإنه يلزم منه تكذيب الله تعالى، وهو كفر، وبقايا مباحث التكليف قد سبقت.
الفصل الثاني: في الأدلة، وفيه مباحث " التمسك بالقرآن ":
الأول: في الكتاب العزيز.
إنما يصح التمسك بالكتاب عند الإمامية، ومن تبعهم من المعتزلة.
ولا يتأتى على مذهب الأشاعرة، لأن الكلام عندهم قائم بذات الله تعالى، وهذا الكتاب حكاية عنه (2)، وجوزوا وقوع المفاسد منه تعالى (3)، فلا يمكنهم الحكم بصدق هذا القرآن.
أما على مذهب الإمامية، والمعتزلة فإن المفسدة منه محال، فلا يتأتى منه ذلك.
وعندنا أن الكلام هو الحروف والأصوات القائمة بالأجسام، ويمتنع أن يريد الله تعالى بها ما ليس ظاهرا منها إل مع قرينة تدل عليه.