فلينظر العاقل في نفسه، قبل دخوله في رمسه، ولا يبقى للقول مجال، ولا يمكن الاعتذار بهذا المحال.
القدرة متقدمة على الفعل المطلب الثالث عشر: في أن القدرة متقدمة على الفعل.
ذهبت الإمامية، والمعتزلة كافة إلى أن القدرة التي للعبد متقدمة على الفعل.
وقالت الأشاعرة هنا قولا غريبا عجيبا، وهو أن القدرة لا توجد قبل الفعل، بل مع الفعل غير متقدمة عليه، لا بزمان ولا بآن (1)، فلزمهم من ذلك محالات:
منها: تكليف ما لا يطاق، لأن الكافر مكلف بالإيمان إجماعا منا ومنهم، فإن كان قادرا عليه حال كفره ناقضوا مذهبهم، من أن القدرة مع الفعل غير متقدمة عليه، وإن لم يكن قادرا عليه لزمهم تكليف ما لا يطاق.
ونص الله تعالى على امتناعه، فقال: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (2)، والعقل دل عليه، وقد تقدم.
وإن قالوا: إنه غير مكلف حال كفره، لزم خرق الاجماع، لأن الله تعالى أمره بالإيمان، بل عندهم أنه أمره في الأزل ونهاهم، فكيف لا يكون مكلفا؟.
ومنها: الاستغناء عن القدرة، لأن الحاجة إلى القدرة إنما هي لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود. وهذا إنما يتحقق حال العدم، لأن حال الوجود