ثم يعاقبه على طوله، ويخلقه أكمه، ويعذبه على ذلك، ولا يخلق له قدرة على الطيران إلى السماء، ثم يعذبه بأنواع العذاب بأنه لم يطر.
فلينظر العاقل المنصف من نفسه، التارك للهوى، هل يجوز أن ينسب ربه عز وجل إلى هذه الأفعال؟ مع أن الواحد منا لو قال: إنك تحبس عبدك، وتعذبه على عدم خروجه في حوائجك لقابل بالتكذيب، وتبرأ من هذا الفعل، فكيف يجوز أن ينسب إلى ربه ما يتنزه هو عنه؟..
امتناع تكليف ما لا يطاق المطلب الثامن: في امتناع تكليف ما لا يطاق.
قالت الإمامية: إن الله تعالى يستحيل عليه من حيث الحكمة: أن يكلف العبد ما لا قدرة له عليه، ولا طاقة له به، وأن يطلب منه فعل ما يعجز عنه، ويمتنع منه، فلا يجوز له أن يكلف الزمن الطيران إلى السماء، ولا الجمع بين الضدين، ولا كونه في المشرق حال كونه في المغرب، ولا إحياء الموتى، ولا إعادة آدم ونوحا عليهما السلام، ولا إعادة أمس الماضي، ولا إدخال جبل قاف في خرم الإبرة، ولا شرب ماء دجلة في جرعة واحدة، ولا إنزال الشمس والقمر إلى الأرض، إلى غير ذلك من المحالات الممتنعة لذاتها.
وذهبت الأشاعرة: إلى أن الله تعالى لم يكلف العبد إلا ما لا يطاق، ولا يتمكن من فعله (1)،.
فخالفوا المعقول الدال على قبح ذلك. والمنقول، وهو المتواتر من الكتاب العزيز، قال الله تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " (2)،