ونهى عن بعضها، كالظلم، والجور. ولا يصح ذلك إذا لم يكن العبد موجدا، إذ كيف يصح أن يقال له: ائت بفعل الإيمان والصلاة، ولا تأت بالكفر والزنا، مع أن الفاعل لهذه الأفعال، والتارك لها هو غيره، فإن الأمر بالفعل يتضمن الأخبار عن كون المأمور قادرا عليه، حتى لو لم يكن المأمور قادرا على المأمور به، لمرض، أو سبب آخر، ثم أمره، فإن العقلاء يتعجبون منه، وينسبونه إلى الحمق، والجهل، والجنون..
ويقولون: إنك لتعلم: أنه لا يقدر على ذلك، ثم تأمره به!!.
ولو صح هذا لصح أن يبعث الله رسولا إلى الجمادات مع الكتاب، فيبلغ إليها ما ذكرناه، ثم إنه تعالى يخلق الحياة في تلك الجمادات، ويعاقبها لأجل أنها لم تمتثل أمر الرسول، وذلك معلوم البطلان ببديهة العقل.
مخالفة الجبرية لإجماع الأمة ومنها: أنه يلزم منه سد باب الاستدلال على وجود الصانع (1)، على كونه تعالى صادقا، والاستدلال على صحة النبوة، والاستدلال على صحة الشريعة، يفضي إلى القول بخرق إجماع الأمة، لأنه لا يمكن إثبات الصانع إلا بأن يقال: العالم حادث، فيكون محتاجا إلى المحدث، قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا، فمع منع حكم الأصل في القياس، وهو كون العبد موجدا، لا يمكنه استعمال هذه الطريقة، فينسد عليه باب إثبات الصانع (2).