صادرين عن العبد، فإنه لو لم يصدر عنه لم يحسن توجه المدح والذم إليه (1).
والأشاعرة لم يحكموا بحسن هذا المدح والذم، فلم يحكموا بحسن مدح الله تعالى على إنعامه، ولا الثناء عليه، ولا الشكر له، ولا بحسن ذم إبليس، وسائر الكفار، والظلمة، المبالغين في الظلم، بل جعلوهما متساويين في استحقاق المدح والذم.
فليعرض العاقل المنصف من نفسه هذه القضية على عقله، ويتبع ما يقوده عقله إليه، ويرفض تقليد من يخطئ في ذلك، ويعتقد ضد الصواب، فإنه لا يقبل منه غدا يوم الحساب. وليحذر من إدخال نفسه في زمرة الذين قال الله تعالى عنهم: " وإذ يتحاجون في النار، فيقول الضعفاء للذين استكبروا: إنا كنا لكم تبعا، فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار " (2)؟.
يلزم الجبرية قبح التكليف منها: أنه يقبح منه تعالى حينئذ تكليفنا فعل الطاعات، واجتناب المعاصي، لأنا غير قادرين على ممانعة القديم، فإذا كان الفاعل للمعصية فينا هو الله تعالى، لم نقدر على الطاعة، لأن الله تعالى إن خلق فينا فعل الطاعة كان واجب الحصول، وإن لم يخلقه كان ممتنع الحصول.
ولو لم يكن العبد متمكنا من الفعل والترك كانت أفعاله جارية مجرى