نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٥
قصة الشورى ومنها: قصة الشورى، وقد أبدع فيها أمورا، فإنه:
خرج بها عن الاختيار والنص جميعا.
وحصرها في ستة.
وذم كل واحد منهم، بأن ذكر فيه طعنا، لا يصلح معه للإمامة، ثم أهله بعد أن طعن فيه.
وجعل الأمر إلى ستة، ثم إلى أربعة، ثم إلى واحد، وصفه بالضعف والقصور.
وقال: إن اجتمع علي وعثمان، فالقول ما قالاه، وإن صاروا ثلاثة، وثلاثة، فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف (1). وذلك لعلمه بأن

(1) أقول: فلماذا جعل الخليفة لعبد الرحمن في الشورى مقاما محمودا، وجعله هو صاحب الاختيار، مع أنه وصفه في ذلك المجلس بأنه فرعون هذه الأمة، حيث قال: " وما يمنعني منك يا عبد الرحمن إلا أنك فرعون هذه الأمة. (الإمامة والسياسة ج 1 ص 24).
ولعل السر في ذلك هو ما قاله أهل السير والتاريخ والحديث، وقاله الإمام محمد عبده في شرح النهج ج 1 ص 34: وكان سعد من بني عم عبد الرحمن، كلاهما من بني زهرة، وكان في نفسه شئ من علي كرم الله وجهه من قبل أخواله، لأن أمه حمنة بنت سفيان بن أمية ابن عبد شمس، ولعلي في قتل صناديدهم ما هو معروف مشهور، وعبد الرحمن كان صهرا لعثمان، لأن زوجته أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، كان أختا لعثمان من أمه، وكان طلحة ميالا لعثمان، لصلات بينهما، على ما ذكره بعض رواة الأثر، وقد يكفي في ميله إلى عثمان انحرافه عن علي، لأنه تيمي، وقد كان بين بني هاشم وبني تيم مواجد لمكان الخلافة في أبي بكر، وبعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اجتمعوا وتشاوروا فاختلفوا، وانضم طلحة في الرأي إلى عثمان، والزبير إلى علي، وسعد إلى عبد الرحمن، وكان عمر قد أوصى بأن لا تطول مدة الشورى فوق ثلاثة أيام، وأن لا يأتي الرابع إلا ولهم أمير، وقال إذا كان خلاف فكونوا مع الفريق الذي فيه عبد الرحمن ".
فيعطي هذا التحقيق المسألة حقها، لمن تدبر في ذلك، وفي كيفية استخلاف أبي بكر عمر، ويظهر جليا لكل أحد: أن الخلافة كانت كرة تدور بين الثاني والثالث، من يوم كتابة عثمان خلافة عمر، حين إغماء أبي بكر، وحان وقت أن تصير لعثمان بأمره، على يد عبد الرحمن، كما قال علي أمير المؤمنين في خطبته المعروفة بالشقشقية: " حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب في مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا، فصفى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن، إلى أن قام ثالث القوم، نافجا حضنيه، بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست