مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وأن أبا بكر ينبغي أن يتابعه، لما رده عن طريقه بعد خروجه من المدينة، على أعين الخلائق، وكان يمنعه من الخروج في أول الحال، بحيث لا يعلم أحد انحطاط مرتبته، لكن لم يأمره بالرد إلا بعد تورطه في المسير أياما، لأنه سبق في علمه تعالى تقصير أكثر الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله، ففعل في هذه القضية ما فعل ليكون حجة له تعالى عليهم يوم العرض بين يديه.
وكذلك في قصة خيبر، فإنهم رووا في صحيح أخبارهم: أن النبي صلى الله عليه وآله أعطى أبا بكر الراية، فرجع منهزما، ثم أعطاها لعمر، فرجع منهزما، فقال صلى الله عليه وآله: " لأعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، كرار غير فرار "، ثم أعطاها لعلي (ع) (1).
وقصد بذلك إظهار فضله، وحط منزلة الآخرين، لأنه قد ثبت بنص القرآن العظيم أنه: " ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " (2)، فوجب أن يكون دفع الراية إليهما بقول الله تعالى، ولا شك في أنه تعالى عالم بالأشياء في الأزل فيكون عالما بهرب هذين، فلولا إرادة إظهار فضل علي (ع) لكان في ابتداء الأمر أوحى بتسليم الراية إليه.
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وصفه بما وصفه، وهو يشعر باختصاصه بتلك الأوصاف، وكيف لا يكون؟ ومحبة الله تعالى تدل على إرادة لقائه، وأمير المؤمنين عليه السلام لم يفر، قاصدا بذلك لقاء ربه تعالى، فيكون محبا له تعالى.
تألم علي (ع) من الصحابة وقد روى ابن عبد ربه من الجمهور: أن أمير المؤمنين كان يتألم من الصحابة كثيرا في عدة مواطن، وعلى رؤوس المنابر، وقال في بعض خطبته: